يشهد إقليم دارفور في السودان وضعاً صحياً متدهوراً مع تزايد انتشار وباء الكوليرا في مناطق النزوح، حيث سجلت السلطات الصحية حتى السابع والعشرين من أغسطس الجاري 8,569 إصابة مؤكدة، بينها 361 حالة وفاة، وفق بيانات المنسقية العامة للاجئين والنازحين. وتُعد محلية طويلة بولاية شمال دارفور الأكثر تضرراً، بعدما سجلت وحدها 4,850 إصابة، ما يعكس سرعة تفشي المرض في المناطق المكتظة بالسكان.
وبحسب التقارير، سجلت منطقة قولو بجبل مرة 1,290 إصابة، فيما رُصدت مئات الحالات داخل مخيمات النزوح مثل كلمة وعطاش، حيث يعيش آلاف الفارين من القتال في ظروف صحية بالغة الصعوبة. وأكد المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، أن الوضع الصحي في الإقليم هو الأسوأ منذ بداية النزاع، مشيراً إلى أن غالبية الإصابات تتركز بين النساء والأطفال في ظل غياب شبه كامل للخدمات الطبية الأساسية.
وأوضح رجال أن المرض ينتشر بشكل خاص في مناطق النزوح التي استقبلت أعداداً كبيرة من الفارين من مدينة الفاشر المحاصرة منذ مايو الماضي، حيث يضطر المرضى لقطع مسافات طويلة سيراً على الأقدام للوصول إلى مراكز العزل المحدودة المتبقية.
في الرابع عشر من أغسطس، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود عن وفاة 40 شخصاً بالكوليرا خلال أسبوع واحد فقط، محذرة من أن المرض تجاوز حدود المخيمات ووصل إلى مناطق متفرقة في ولايات دارفور. ودعت المنظمة، إلى جانب الأمم المتحدة، إلى تدخل عاجل يشمل توفير المياه النظيفة، تحسين خدمات الصرف الصحي، وتنظيم حملات تطعيم واسعة للحد من انتشار الوباء.
الأزمة الصحية تتفاقم نتيجة انهيار البنية التحتية الطبية في الإقليم. ففي مدينة الفاشر، التي تُعد الأكبر في دارفور، يعمل المستشفى الجنوبي بطاقة تشغيل لا تتجاوز 20% فقط، بينما أُغلقت بقية المستشفيات بسبب القتال ونقص الموارد، ما ترك آلاف المرضى دون رعاية مناسبة.
ويأتي تفشي الكوليرا في ظل حرب مستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح نحو 15 مليون، وفق تقديرات الأمم المتحدة. غير أن تقديرات أكاديمية أمريكية أشارت إلى أن عدد الضحايا قد يتجاوز 130 ألفاً، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها السودان عامة ودارفور على وجه الخصوص، حيث تتداخل آثار الحرب مع الأوبئة والنزوح الجماعي.