تواجه مدينة الفاشر، في ولاية شمال دارفور، أوضاعًا إنسانية بالغة الصعوبة مع استمرار القتال، وانهيار الخدمات الأساسية، وانقطاع المساعدات الإنسانية، ما دفع أكثر من 400 ألف شخص إلى النزوح من المدينة خلال الأشهر الماضية، وفقاً لتقارير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، المدينة التي ظلت محاصرة لفترة طويلة باتت تعاني من شُحّ حاد في الغذاء والدواء، مع غياب شبه كامل للمرافق الصحية والأسواق، ما أجبر العائلات على البحث عن وسائل بديلة للبقاء. وتحدثت تقارير إنسانية عن لجوء بعض السكان إلى تناول أعلاف الحيوانات ومخلفات الطعام نتيجة ندرة الغذاء.
ورغم استمرار الدعم النقدي الرقمي الموجه لنحو 250 ألف شخص داخل الفاشر، إلا أن هذا الإجراء لا يغطي الاحتياجات المتزايدة، لا سيما في ظل انهيار الأسواق وغياب سلاسل الإمداد. وأسهمت إغلاقات الطرق الرئيسية وتعطل الممرات الإنسانية في منع وصول المساعدات عبر البر منذ أكثر من عام، بحسب ما أفادت به جهات أممية، وتشهد المدينة أيضًا تفاقمًا في الأوضاع الصحية، وسط مخاوف من تفشي أمراض معدية مثل الكوليرا، خصوصاً في مناطق مكتظة بالسكان الفارين من المعارك، مثل معسكر زمزم ومحيطه.
وأشار المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في منطقة جنوب وشرق أفريقيا إلى أن سكان الفاشر “يخوضون صراعًا يوميًا من أجل البقاء”، وأن غياب ممرات آمنة لإيصال المساعدات يهدد حياة آلاف الأشخاص، في وقت ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة تتجاوز 460% مقارنة ببقية مناطق السودان، في الأول من أغسطس، حصل البرنامج على تصاريح رسمية لإرسال قافلة مساعدات إلى الفاشر، إلا أن تنفيذ العملية لا يزال معلقًا في انتظار ضمانات أمنية من الجهات المسيطرة على محيط المدينة. وقد تعرضت قوافل سابقة، في يونيو الماضي، لهجمات مسلحة أسفرت عن مقتل خمسة من العاملين وتدمير الإمدادات.
وتفيد تقارير الأمم المتحدة أن النزوح من الفاشر يتجه نحو مدينة طويلة، التي باتت تستضيف أعدادًا كبيرة من النازحين، في وقت يُقدَّر فيه عدد الأشخاص الذين يعتمدون على مساعدات برنامج الأغذية العالمي في السودان بأكثر من 4 ملايين شهريًا، بينهم 1.7 مليون في مناطق مصنّفة بأنها تعاني من المجاعة أو معرضة لها، البرنامج حذّر من أن تأخر التدخل الدولي قد يؤدي إلى تدهور إضافي في المناطق المحاصرة، داعيًا إلى توفير تمويل إضافي بقيمة 645 مليون دولار أمريكي خلال الأشهر الستة المقبلة لتغطية الاحتياجات الغذائية العاجلة، وضمان استمرارية إيصال الدعم إلى المناطق المتأثرة بالنزاع والكوارث المناخية.