حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” من التدهور السريع في الأوضاع الإنسانية التي يواجهها الأطفال في السودان، مؤكدة أن النزاع المستمر في البلاد يتسبب في وفاة الأطفال بسبب الجوع والمرض والعنف، ويحول دون حصولهم على الخدمات الأساسية المنقذة للحياة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده ممثل “يونيسف” في السودان، شيلدون يت، الثلاثاء، في قصر الأمم المتحدة بجنيف، بعد زيارة ميدانية أجراها الأسبوع الماضي إلى ولايتي الخرطوم والجزيرة، اللتين شهدتا معارك عنيفة قبل أن تسيطر عليهما القوات المسلحة السودانية.
قال يت إن زيارته أظهرت حجم الدمار الذي خلّفته الحرب، مشيرًا إلى مشاهدته لمنازل ومباني مهدّمة، ومستودعات “يونيسف” في الخرطوم التي تعرّضت للنهب والتخريب، كما تحدث عن لقاءاته مع أمهات اضطررن إلى السير لمسافات طويلة هربًا من مناطق النزاع، إضافة إلى عاملين صحيين يواصلون تقديم الرعاية رغم محدودية الموارد وخطورة الوضع.
وأشار إلى تقرير أممي صدر في يوليو الماضي، أظهر ارتفاعًا حادًا في حالات سوء التغذية الحاد الوخيم وسط الأطفال، حيث ارتفعت نسبة القبول للعلاج في ولاية الخرطوم بنسبة 174%، وفي ولاية الجزيرة بنسبة 683%، عقب تحسّن جزئي في الوضع الأمني سمح بوصول بعض المساعدات.
وأوضح يت أن منطقة جبل أولياء ومحلية الخرطوم تشكلان 37% من عبء سوء التغذية في الولاية، مشيرًا إلى أن هذه المناطق، إلى جانب الجزيرة، لا تزال من بين الأكثر تضررًا من العنف وقيود الوصول الإنساني.
وحذّر ممثل “يونيسف” من أن السودان يواجه ما وصفه بـ”كارثة وشيكة”، مؤكدًا أن الوضع ينذر بإلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بجيل كامل من الأطفال، وأضاف: “ما نواجهه ليس بسبب نقص في المعرفة أو الأدوات، بل بسبب الفشل في الاستجابة بالحجم والسرعة اللازمين”.
وأكد أن الأطفال في السودان باتوا يعانون من انعدام الغذاء والمياه الآمنة والرعاية الصحية، فضلًا عن غياب التعليم، مشيرًا إلى أن العديد من الأطفال أصبحوا “نحيلين لدرجة بروز العظام”، ما يعكس حجم أزمة التغذية المنتشرة.
وأوضح أن العديد من شركاء “يونيسف” اضطروا إلى تقليص أنشطتهم في السودان، خاصة في الخرطوم والمناطق الأكثر تضررًا، بسبب نقص التمويل، ودعا إلى ضرورة تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحرومة مثل الفاشر بشمال دارفور، والدلنج وكادُقلي في جنوب كردفان، وأشار إلى أن كل يوم يمر دون الوصول إلى هذه المناطق يعرض حياة آلاف الأطفال للخطر، مطالبًا بفتح ممرات آمنة ورفع القيود التي تعيق وصول الغذاء والدواء.
تشهد مدينة الفاشر حصارًا خانقًا منذ أبريل 2024، حيث تُمنع الإمدادات الإنسانية من الوصول إليها، ما أدى إلى شح حاد في الغذاء دفع السكان إلى الاعتماد على “الأمباز” (علف الحيوانات) للبقاء على قيد الحياة، كما تفرض قوات الدعم السريع والحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، حصارًا على الدلنج وكادوقلي، الأمر الذي فاقم الأزمة الإنسانية في المنطقتين.
في ختام تصريحاته، دعا ممثل “يونيسف” المجتمع الدولي إلى تكثيف الدعم المالي والإنساني، والتحرك الفوري لتجنب مزيد من الخسائر في الأرواح، مؤكدًا أن مستقبل ملايين الأطفال السودانيين على المحك، وأن الاستجابة يجب أن تكون بحجم الكارثة.