شهد منجم جبل البوم الواقع بين محليتي دلقو وعبري في الولاية الشمالية، مواجهات عنيفة بين مجموعات من قبيلتي دار حامد والهوسا، اندلعت عقب صلاة العشاء، ما أدى إلى توتر واسع في المنطقة.
ووفق شهود عيان، بدأت الأحداث باستخدام الأسلحة البيضاء قبل أن تتطور إلى إشعال النيران في عدد من المنازل والمخيمات التابعة للطرفين، وسط مخاوف من امتداد العنف إلى مناطق أخرى. وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر السلطات الرسمية بياناً يوضح حجم الخسائر أو أسباب الحادثة، بينما يتوقع أن تتدخل الجهات الأمنية لاحتواء الموقف ومنع تفاقم الأوضاع.
تعود جذور التوتر إلى قرار إداري أصدره والي الولاية الشمالية الفريق عبد الرحمن عبد الحميد في أغسطس 2025، نص على إلحاق منجم جبل البوم بمحلية وادي حلفا. القرار أثار حينها جدلاً واسعاً بين المكونات المحلية، واعتبره اتحاد أبناء المحس في بيان رسمي “قراراً مفاجئاً وفي توقيت حساس”، محذراً من أنه قد يشعل صراعات اجتماعية في منطقة تشهد هشاشة أمنية متزايدة.
قال الصادق حسن عثمان، رئيس لجنة المعدنين في المنجم، إن الاشتباكات بدأت بمشادات فردية قبل أن تتحول إلى أعمال عنف شملت إحراق المخيمات المشيدة بمواد محلية تستخدم لإيواء العاملين في التعدين الأهلي. وأضاف أن النيران ما تزال مشتعلة في أجزاء من الموقع، محذراً من احتمال تطور الأحداث إلى استخدام الأسلحة النارية ما لم تتدخل السلطات سريعاً.
وأكد عثمان أن المنطقة تضم آلاف العاملين من مختلف ولايات السودان، في حين لا تتجاوز نسبة أبناء الولاية الشمالية بينهم 10% فقط، مشيراً إلى أن التعايش السلمي الذي ساد لسنوات تراجع بفعل تداعيات الحرب المندلعة منذ أبريل 2023، وما خلفته من اضطرابات اقتصادية واجتماعية.
في ظل استمرار التوتر، دعت القيادات الأهلية والمعدنون الحكومة إلى إرسال قوات أمنية لتأمين الموقع واحتواء الأزمة، محذرين من أن يتحول جبل البوم إلى بؤرة صراع قبلي جديدة في الولاية الشمالية.
وطالب عدد من الناشطين والوجهاء المحليين بضرورة معالجة الأسباب الجذرية للنزاع، بما في ذلك إعادة النظر في القرارات الإدارية المثيرة للجدل وتنظيم نشاط التعدين الأهلي لضمان الأمن والاستقرار في واحدة من أهم مناطق إنتاج الذهب في السودان.
تأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه البلاد تحديات أمنية متزايدة بفعل الحرب المستمرة، ما يجعل الاستجابة السريعة من السلطات أمراً ضرورياً للحفاظ على الاستقرار في الولاية الشمالية ومنع تفاقم النزاعات ذات الطابع القبلي والاقتصادي.