أصدر رئيس حركة وجيش تحرير السودان، مني أركو مناوي، ثلاثة قرارات إدارية تقضي بإعفاء عدد من كبار مساعديه من مناصبهم، وتعليق عضويتهم في الحركة، وإحالتهم إلى التحقيق، وذلك في ظل تصاعد الخلافات الداخلية والتحديات السياسية التي تواجه إدارة إقليم دارفور.
وشملت القرارات إعفاء كل من مساعد الرئيس للشؤون القانونية، محمد محمود كورينا، والمستشار المالي، آدم النور محمد، إلى جانب المستشار الإعلامي، محمد عبدالله أبكر، مع تعليق عضوية الأولين. ووفقاً لمراقبين، فإن هذه الإجراءات تعكس مؤشرات على توتر داخلي متزايد في صفوف قيادة الحركة.
وفي سياق متصل، أصدر الحاكم المعيّن من قبل الجيش السوداني لإقليم دارفور قراراً بتكليف والي ولاية وسط دارفور بمهام الحاكم المؤقت للإقليم، وذلك عقب مغادرة مناوي مدينة بورتسودان في جولة خارجية تشمل عدداً من الدول العربية والأوروبية، إلى أن قرار التكليف يأتي في وقت يشهد فيه الإقليم حالة من الاضطراب السياسي والعسكري، وسط تباينات متزايدة في المواقف بين القيادات المحلية والعسكرية.
وربطت تقارير محلية مغادرة مناوي بجملة من الانتقادات التي وُجّهت إليه في الفترة الأخيرة من داخل المؤسسة العسكرية، لا سيما من قبل بعض الأطراف المرتبطة بالتيار الإسلامي، على خلفية مواقفه من العمليات العسكرية الجارية في دارفور وكردفان. وذكرت هذه التقارير أن بعض أنصار الحركة الإسلامية طالبوا بوضعه تحت الإقامة الجبرية، بسبب تصريحاته العلنية التي انتقد فيها أداء الجيش.
كان مناوي قد أدلى بتصريحات خلال الأيام الماضية انتقد فيها ما وصفه بـ”التركيز العسكري المفرط” على مدن محددة مثل الفاشر، في مقابل تجاهل بقية مناطق الإقليم، كما أشار إلى أن بعض القيادات العسكرية تعتقد أن الحرب انتهت بانسحاب قوات الدعم السريع من العاصمة الخرطوم وولايات أخرى، وهو ما اعتبره “تبسيطاً مقلقاً للمشهد الميداني”.
وقد أثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة من جهات إعلامية مرتبطة بالحركة الإسلامية، التي رأت فيها تشكيكاً في السردية الرسمية للجيش حول الانتصارات المعلنة، واعتبرتها محاولة لتقويض الروح المعنوية والتأثير على الرأي العام.
في ظل انتشار شائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن مناوي قد لا يعود إلى السودان، أصدر نائب الحاكم المعيّن توضيحاً رسمياً نفى فيه هذه الأنباء، مؤكداً أن غيابه مؤقت ويأتي في إطار مأمورية رسمية. واعتبر أن ما يُتداول من شائعات يندرج ضمن “محاولات لإثارة البلبلة والتشكيك في أداء القيادة الإدارية”، مشيراً إلى أنها لا تستند إلى معلومات موثوقة.
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه إقليم دارفور تعقيدات ميدانية وسياسية متزايدة، تتداخل فيها عوامل النزاع المسلح، وتعدد مراكز النفوذ، والانقسامات الداخلية بين الفاعلين السياسيين والعسكريين. ويشير مراقبون إلى أن الحفاظ على استقرار الإقليم يتطلب معالجة الاختلالات السياسية والتنظيمية داخل الأطراف الفاعلة، إلى جانب استجابة فعالة للاحتياجات الأمنية والإنسانية المتزايدة على الأرض.