يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم جلسة مشاورات مغلقة في مقره بنيويورك، بطلب مشترك من المملكة المتحدة والدنمارك، لمناقشة التطورات المتسارعة في السودان، في ظل تصاعد العنف المسلح والانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين، لا سيما في إقليم شمال دارفور ومناطق عدة من ولايات كردفان، والتي تشهد موجات نزوح حادة وأزمة إنسانية متفاقمة.
ويُنتظر أن يتلقى أعضاء المجلس إحاطة شاملة من مسؤول رفيع بإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام التابعة للأمم المتحدة، تتضمن عرضًا دقيقًا للوضع الميداني في السودان، مع تسليط الضوء على حالة الانفلات الأمني، وتصاعد الأعمال القتالية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والانتهاكات الموثقة بحق المدنيين من قتل واختطاف وقصف عشوائي.
وتأتي هذه الجلسة في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية في مدينة الفاشر المحاصرة منذ أكثر من عام، حيث تواجه مئات الآلاف من الأسر خطر المجاعة ونقص الدواء ومياه الشرب، وسط عجز المنظمات الإنسانية عن الوصول إلى السكان بسبب العمليات العسكرية المتواصلة وإغلاق الممرات الإنسانية، كما تعيش أجزاء واسعة من ولايات كردفان أوضاعًا مشابهة، إذ تفيد التقارير الميدانية بارتفاع أعداد النازحين وتدمير البنية التحتية للمرافق الخدمية، ما يهدد بانهيار شامل للخدمات الصحية والتعليمية، ويزيد من تعقيدات المشهد الإنساني.
ومن المتوقع أن تتناول جلسة مجلس الأمن جملة من المحاور، من أبرزها تقييم الدور الدولي في التعامل مع النزاع في السودان، وإمكانية الضغط على الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية آمنة، إلى جانب بحث سبل إعادة تنشيط الجهود الدبلوماسية المتعثرة، سواء على مستوى الأمم المتحدة أو الآليات الإقليمية مثل الهيئة الحكومية للتنمية (الإيغاد) والاتحاد الأفريقي.
ويأتي انعقاد الجلسة وسط دعوات متزايدة من منظمات دولية وحقوقية إلى تحرّك أكثر جدية من مجلس الأمن لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، ومحاسبة الجهات المتورطة في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتشير التحليلات إلى أن فشل المبادرات السياسية السابقة، واستمرار الانقسام الدولي بشأن الموقف من أطراف النزاع، قد يدفع مجلس الأمن إلى تبني خطوات رمزية دون اتخاذ إجراءات رادعة، رغم الكارثة المتفاقمة التي يعيشها ملايين السودانيين.
في المقابل، ترى بعض الأوساط الدبلوماسية أن الجلسة تمثل فرصة حاسمة لتوحيد الرؤية الدولية تجاه الأزمة، وبلورة موقف أكثر صرامة يمكن أن يمهّد الطريق أمام تسوية سياسية شاملة توقف الحرب، وتفتح الباب أمام استعادة الدولة السودانية ومؤسساتها.