نفذت القوات الجوية التابعة للجيش السوداني ضربات جوية مكثفة على منطقتي الزرق وسرف عمرة في ولاية شمال دارفور، في تصعيد جديد للعمليات العسكرية في الإقليم الذي يشهد مواجهات متصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع. ووفق مصادر محلية، استخدم الجيش طائرات مسيّرة في تنفيذ الهجمات التي استهدفت مواقع قالت إنها تتبع لقوات الدعم السريع، التي كانت تحشد عناصرها للهجوم على منطقة أبو قمرة التي أعلنت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح السيطرة عليها مؤخرًا.
بحسب المصادر الميدانية، أسفرت الغارات الجوية عن مقتل عدد من عناصر الدعم السريع وتدمير عربات قتالية مجهزة بالكامل، فيما لم تُعرف بعد حصيلة الخسائر بين المدنيين. وتشير التقارير إلى أن الهجمات الأخيرة تأتي بعد أسابيع من غارة مماثلة على سوق الزرق، التي أودت بحياة عشرات المدنيين، مما يعزز المخاوف من اتساع نطاق العمليات الجوية وتكرار استهداف مناطق آهلة بالسكان.
ويقول مراقبون إن هذه التطورات تُظهر تزايد اعتماد الجيش على الطائرات المسيّرة كأداة رئيسية في عملياته العسكرية بدارفور، في ظل تراجع قدرته الميدانية على الأرض، وهو ما ينذر بموجة جديدة من التصعيد قد تطال مدنًا وقرى أخرى في الإقليم.
أصدر كل من مجلس وزراء حكومة تأسيس وتحالف السودان التأسيسي بيانين منفصلين أدانا فيهما الغارات الجوية التي استهدفت مناطق الجنينة بغرب دارفور والزرق وسوق سرف عمرة بشمال دارفور، مؤكدين أن الهجمات أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، في مناطق لا وجود عسكري فيها.
واتهم مجلس وزراء حكومة تأسيس في بيانه قيادات تنظيم الحركة الإسلامية بإصدار أوامر مباشرة لتنفيذ الهجمات، معتبرًا أن ما يجري يمثل نمطًا ممنهجًا من الاعتداءات على المدنيين، يصل إلى مستوى جرائم الإبادة الجماعية. وأضاف البيان أن الغارات تستهدف مكونات أهلية ومجتمعية محددة في إقليمي دارفور وكردفان، داعيًا إلى محاسبة المسؤولين عن إصدار الأوامر وتنفيذها.
دعا تحالف السودان التأسيسي المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى التحرك العاجل لوقف الاعتداءات الجوية وفتح تحقيقات مستقلة حول الهجمات التي وصفها بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
وأكد التحالف في بيانه أن تبرير هذه الهجمات بذريعة “حواضن الدعم السريع” لم يعد مقنعًا، وأن استخدام القوة الجوية ضد مناطق مدنية يمثل استباحة لأرواح الأبرياء. كما شدد على أن الحل في السودان يجب أن يكون سياسيًا لا عسكريًا، وأن استمرار القصف الجوي لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة الإنسانية وإطالة أمد الحرب.
تشير هذه التطورات إلى أن إقليم دارفور يعيش مرحلة حرجة من التصعيد العسكري، مع تزايد الغارات الجوية في وقت تتدهور فيه الأوضاع الإنسانية بشدة. ويرى محللون أن استمرار العمليات الجوية من دون رقابة أو مساءلة سيُفاقم من الخسائر المدنية، ويُعقّد أي مساعي محتملة نحو تسوية سلمية شاملة.