شنّ الجيش السوداني سلسلة غارات جوية مكثفة استهدفت مواقع تابعة لقوات الدعم السريع في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، ضمن تصعيد واضح للعمليات العسكرية التي يشهدها الإقليم منذ أشهر. وتأتي هذه الضربات في إطار استراتيجية جديدة يتّبعها الجيش تقوم على استخدام الطائرات الحربية والمسيّرة لاستهداف مناطق تعتبرها القيادة العسكرية مراكز نفوذ لقوات الدعم السريع.
خلال الأسابيع الأخيرة، كثّف الجيش السوداني هجماته الجوية على مواقع استراتيجية في ولايات دارفور، مستهدفًا مراكز قيادة ومستودعات تموين تابعة لقوات الدعم السريع. وتُعد مدينة الجنينة من أهم النقاط الميدانية الساخنة، إذ شهدت مرارًا غارات بطائرات مقاتلة ومسيّرات هجومية، في محاولة لاستعادة السيطرة على مناطق فقدها الجيش خلال العامين الماضيين.
ووفقًا لمصادر عسكرية، نفّذ الطيران الحربي السوداني ضربات دقيقة داخل مدينة الجنينة، كان أبرزها استهداف مقر أمانة حكومة ولاية غرب دارفور، وهو الموقع الذي كان يحتضن اجتماعًا رسميًا ضمّ التجاني كرشوم، رئيس الإدارة المدنية التابعة لقوات الدعم السريع في الولاية، إلى جانب عدد من القيادات الميدانية.
المصادر ذاتها أشارت إلى أن الاجتماع كان مخصصًا لمناقشة الوضع الأمني والموسم الزراعي في ظل التوترات المستمرة، قبل أن تُصيب الغارات أجزاء من المبنى الحكومي.
رجّحت التقارير الأولية أن يكون التجاني كرشوم قد أُصيب بجروح خلال الغارة التي استهدفت مقر الحكومة، بينما لم يصدر حتى الآن تأكيد رسمي من قوات الدعم السريع بشأن حالته الصحية أو مصير بقية المشاركين في الاجتماع. ويُعتبر كرشوم من أبرز الشخصيات المدنية المرتبطة بالتنظيم الإداري لقوات الدعم السريع في دارفور، إذ يشرف على إدارة شؤون المناطق الخاضعة لنفوذها.
يرى مراقبون أن استهداف مقر الحكومة المحلي في الجنينة قد يشكّل تحولًا نوعيًا في تكتيكات الجيش السوداني، إذ يُنظر إليه كضربة رمزية تهدف إلى إضعاف الهيكل الإداري لقوات الدعم السريع في غرب البلاد. كما يُتوقع أن تؤدي هذه العملية إلى تصاعد التوتر الميداني في الإقليم، خاصة مع استمرار حالة الغموض حول الخسائر البشرية والدمار الذي خلّفته الغارات.