سجل سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني، اليوم الإثنين، استقرارًا ملحوظًا في السوق السوداء عند 3050 جنيهًا سودانيًا، في وقت تواصل فيه البلاد مواجهة ضغوط اقتصادية كبيرة ناتجة عن النزاع المسلح المستمر وشح النقد الأجنبي وتراجع الإنتاج، ويأتي هذا الاستقرار النسبي في أسعار الصرف بعد فترة من التقلبات الحادة التي شهدها السوق الموازي خلال الأسابيع الماضية، حيث قفزت أسعار العملات الأجنبية بشكل ملحوظ، مدفوعة بتزايد الطلب على الدولار مقابل ندرة المعروض، فضلاً عن التراجع المستمر في الاحتياطيات الأجنبية لدى الجهاز المصرفي الرسمي.
ويرى متابعون أن الاستقرار الحالي، رغم هشاشته، يعود جزئيًا إلى التباطؤ في النشاط التجاري نتيجة الأوضاع الأمنية، فضلًا عن تكثيف الحملات الرقابية من الجهات المختصة في بعض المدن، والتي حدّت من نشاط المضاربين في سوق العملة، كما يُعزى التوازن المؤقت في السوق إلى توقف بعض عمليات الاستيراد غير الأساسية، ما خفّف الضغط على الدولار، في وقت لا تزال فيه التحويلات الرسمية تواجه صعوبات بسبب ضعف الثقة في الجهاز المصرفي، واعتماد شرائح واسعة من المتعاملين على السوق الموازي لتلبية احتياجاتهم من العملات الأجنبية.
بالإضافة إلى الدولار، سجلت العملات الأجنبية الأخرى تغييرات طفيفة، دون أن تشهد تحركات كبيرة في السوق السوداء. ويظل اليورو، والريال السعودي، والدرهم الإماراتي من بين العملات الأكثر تداولًا إلى جانب الدولار، خاصة في التعاملات التجارية المرتبطة بالتحويلات من الخارج والأنشطة التجارية المرتبطة بدول الجوار.
يأتي هذا المشهد في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة تضرب البلاد منذ بداية النزاع المسلح في أبريل 2023، حيث تأثرت مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، وتراجع أداء القطاع المصرفي، وتوقفت العديد من المصانع والمشاريع الاستثمارية، كما أدت الأزمة إلى اتساع الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازية، حيث لا يزال السعر الرسمي للدولار أقل بكثير من مستويات السوق السوداء، ما أدى إلى عزوف كثير من المتعاملين عن القنوات الرسمية.
ورغم محاولات الجهات المختصة اتخاذ إجراءات للحد من الانفلات في سوق الصرف، فإن غياب الاستقرار السياسي، وضعف السيطرة على الحدود، واستمرار النزوح والنزاعات، تجعل من الصعب تحقيق تحسن فعلي ومستدام في قيمة الجنيه، ويتوقع مراقبون استمرار حالة التذبذب في أسعار العملات خلال الفترة المقبلة، مع بقاء السوق الموازية المحرك الرئيسي لسعر الصرف في غياب إصلاحات اقتصادية شاملة وخطة واضحة لاستعادة الثقة في الاقتصاد الوطني.