أدلى الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة تأسيس السودان وقائد قوات الدعم السريع، بتصريحات مثيرة للجدل خلال فعالية جماهيرية بمدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، تناول فيها كواليس الاجتماع الذي سبق اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، والعلاقة المتوترة مع رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
وأوضح دقلو أن الحرب لم تكن نتيجة خلافات مفاجئة، بل نتاج تراكمات سياسية داخل المؤسسة العسكرية، متهماً ما وصفه بـ”عناصر من التيار الإسلامي” بالضلوع في إشعال الحرب بعد شعورهم بالإقصاء من الاتفاق الإطاري الذي كان يُجرى التفاوض بشأنه بين القوى المدنية والعسكرية.
وأضاف أن موقفه من الاتفاق كان داعماً للتسوية السياسية، مشيراً إلى أنه أجرى مشاورات موسعة مع قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو قبل إعلان تأييده للاتفاق.
ووجّه دقلو انتقادات حادة للبرهان، متحدثاً عن ما اعتبره تباطؤًا متعمداً في تنفيذ بنود الاتفاق الإطاري، وقال إن رئيس مجلس السيادة كان يؤجل مراجعة أوراق تفاوضية “قصيرة” لأيام، مما عطّل مسار التفاهمات. وأشار إلى أن قيادة الجيش لاحقاً رفضت بند دمج قوات الدعم السريع خلال فترة عشر سنوات، معتبراً أن ذلك مثّل ذريعة لإفشال الاتفاق ومقدمة للتصعيد العسكري.
وفي سردٍ لتفاصيل ما قبل اندلاع المواجهات، قال دقلو إن البرهان تغيب عن اجتماع كان مقرراً في التاسعة مساءً ليلة 14 أبريل 2023، موضحاً أنه انتظر حتى الثانية صباحاً دون أن يحضر البرهان الاجتماع. وأكد أن المعلومات التي حصل عليها لاحقاً تشير إلى أن البرهان كان في اجتماع عسكري مغلق اتُخذ فيه قرار بمهاجمة معسكرات الدعم السريع خلال ساعات.
وأضاف أن الهجوم بدأ عند الفجر، حين تحركت وحدات عسكرية عدة نحو مواقع قوات الدعم السريع في الخرطوم ومدن أخرى، ما أدى إلى اندلاع المواجهات التي توسعت سريعاً إلى أنحاء البلاد.
وفي جانب آخر من خطابه، تناول دقلو ما وصفه بـ”ملابسات مقتل” مدير عام قوات الشرطة الأسبق، الفريق نصر الدين عبد الرحيم، الذي أعلنت وزارة الداخلية في حينه أنه توفي إثر أزمة قلبية عام 2023.
وذكر دقلو أن نصر الدين قُتل بعد رفضه المشاركة في الحرب، مضيفاً أنه كان يعتزم الانضمام إلى قوات الدعم السريع قبل وفاته بساعات، متهماً البرهان بالمسؤولية عن تصفيته “لمنع حدوث انشقاق داخل المؤسسة الأمنية”، وفق تعبيره.
اختتم دقلو حديثه بالإشادة بعناصر قوات الدعم السريع، واصفاً إياهم بأنهم “قاتلوا بشجاعة في الساعات الأولى من الحرب”، في حين وجّه انتقادات حادة للبرهان، معتبراً أن نجاته من الحصار في الأيام الأولى كانت “محض صدفة”.
وتعكس هذه التصريحات استمرار التوتر بين قيادتي الجيش والدعم السريع، في وقت يشهد فيه السودان أزمة سياسية وعسكرية متصاعدة، وسط غياب أي مؤشرات واضحة على قرب التوصل إلى تسوية شاملة تنهي الصراع المستمر منذ أكثر من عامين.
