شهدت مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، قصفًا مدفعيًا متبادلاً بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، في أحدث جولة من المواجهات التي تشهدها المنطقة منذ أسابيع.
وبحسب مصادر محلية، فإن القصف بدأ عند الساعة الثامنة والنصف صباحًا، حين استهدفت قوات الدعم السريع حي الصفاء الواقع في الجهة الشرقية من المدينة، دون أن تُسجّل خسائر بشرية مؤكدة. وأفادت شهادات من السكان بأن القذائف سقطت في مناطق غير مأهولة نسبيًا، ما حال دون وقوع إصابات، بينما استمر تمركز قوات الدعم السريع في أطراف المدينة الشرقية وسط حالة من الاستنفار الأمني.
وعلى الرغم من القصف، عادت الحياة إلى طبيعتها بعد فترة قصيرة، إذ واصل المواطنون أعمالهم وبقيت الأسواق مفتوحة. وذكر السكان أن خدمة الإنترنت الفضائي، بما في ذلك “ستارلنك”، لم تتأثر بالاشتباكات، ما ساعد على استمرار الأنشطة التجارية. كما أشارت المصادر إلى انخفاض ملحوظ في أسعار السلع والبضائع نتيجة تدفق البضائع المهربة، الأمر الذي أنعش الحركة التجارية رغم استمرار التوترات الأمنية.
ورجّحت مصادر ميدانية أن القصف المدفعي كان محاولة لتعطيل حفل تخريج عسكري للوحدات التابعة لـ اللواء 54 المتمركز في المدينة، والمقرر إقامته يوم الأحد. وأفادت شهادات متطابقة بأن نحو 20 عربة قتالية تابعة للدعم السريع وصلت مساء الجمعة إلى أطراف المدينة الشرقية، مما أثار مخاوف من تصعيد جديد.
ورغم ذلك، أكدت المصادر أن الأنشطة اليومية لم تتوقف، حيث ظلت الأسواق تعمل بشكل طبيعي، مع توفر السيولة النقدية نتيجة عمليات الإسقاط الجوي الأخيرة وتسهيلات تجارية من قبل الحركة الشعبية – جناح عبد العزيز الحلو، التي لا تفرض قيودًا على دخول السلع الأساسية.
يأتي هذا التصعيد في ظل اشتداد المواجهات في جنوب كردفان، حيث تسعى قوات الدعم السريع، بدعم من عناصر الحركة الشعبية، إلى عزل مدينة الدلنج عن عاصمة الولاية كادوقلي. وتسيطر قوات الدعم السريع على شمال المدينة، بما في ذلك منطقة الدبيبيات على الطريق القومي الرابط بين الدلنج والأبيض، فيما تواصل القوات المسلحة تعزيز مواقعها جنوب المدينة بعد استعادتها من الجيش الشعبي في فبراير الماضي.
وبحسب مصادر ميدانية، استمر القصف المتبادل بين اللواء 54 وقوات الدعم السريع منذ السابعة صباحًا وحتى الواحدة ظهرًا، ما تسبب في تدمير جزئي لبعض المنازل دون تأكيد رسمي لعدد الإصابات. وأكدت المصادر أن الجيش نفذ عمليات تمشيط واسعة لتأمين محيط المدينة ومنع أي محاولات تسلل.
في السياق ذاته، نفذ الجيش السوداني عملية إسقاط مظلي ناجحة لدعم اللواء 54، تضمنت شحنات من العتاد العسكري والمواد الغذائية والطبية، في خطوة تهدف إلى تعزيز قدراته الدفاعية.
ويعاني سكان الدلنج من حصار خانق منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، أدى إلى أزمة إنسانية حادة ونقص حاد في الغذاء والدواء. وأشارت تقارير محلية إلى حالات مجاعة في بعض الأحياء، في ظل صعوبة وصول المساعدات الإنسانية بسبب تشابك مناطق السيطرة بين الجيش، والدعم السريع، والحركة الشعبية.
ومع استمرار تبادل القصف وتدهور الوضع الإنساني، تبقى مدينة الدلنج إحدى أكثر المناطق توتراً في جنوب كردفان، وسط غياب مؤشرات واضحة على انفراج ميداني أو سياسي قريب.