تذبذب أسعار الدولار في السودان يعكس استمرار الضغوط الاقتصادية والنقدية

3 Min Read

تشهد سوق العملات الأجنبية في السودان تحركات محدودة في أسعار الصرف، وسط استمرار الضغوط الهيكلية التي تواجه المنظومة النقدية، في ظل غياب أدوات فعالة للتدخل الرسمي، ويأتي هذا التذبذب بعد ارتفاعات ملحوظة في مطلع الأسبوع دفعت بأسعار العملات الأجنبية إلى مستويات قريبة من تلك التي سجلت في يوليو الماضي، ما يعكس هشاشة التوازن النقدي ويبرز تحديات ضبط السوق.

وفق بيانات التداول في السوق الموازي، تراوح سعر صرف الدولار خلال الأيام الأخيرة بين 3,000 و3,190 جنيهًا، مع نشاط ملحوظ في نطاق 3,050 إلى 3,130 جنيهًا، بمتوسط تداول بلغ نحو 3,100 جنيه. ومع بداية تعاملات اليوم الأربعاء، بلغ متوسط سعر البيع نحو 3,170 جنيهًا، وسط إحجام بعض المتعاملين عن عرض النقد الأجنبي للبيع، واقتصار نشاطهم على الشراء، ما يعكس توقعات بزيادة محتملة في الأسعار خلال الفترة المقبلة.

في المقابل، حافظت بعض البنوك التجارية على السعر الرسمي المحدد من قبل بنك السودان المركزي عند 2,400 جنيه للدولار، ما يوضح التباين في آليات التسعير بين السوق الرسمي والموازي، ويشير إلى استمرار حالة عدم الاتساق في السياسات النقدية.

وتفيد مصادر من السوق بأن عمليات شراء واسعة للدولار جرت خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل مفاجئ، ويرجّح متعاملون أن هذه العمليات قد تكون مرتبطة بجهات تحتاج لتغطية التزاماتها من النقد الأجنبي في ظل محدودية التحويلات الخارجية وتراجع السيولة في النظام المصرفي الرسمي، الأمر الذي عزز دور السوق الموازي كمصدر رئيسي للعملات الأجنبية، خاصة لتمويل واردات الوقود والسلع الأساسية.

ويُذكر أن شهر يوليو الماضي شهد تجاوز الدولار حاجز الثلاثة آلاف جنيه لأول مرة، في مؤشر على تعمّق الأزمة النقدية. وتأتي هذه التطورات في سياق اقتصادي صعب، حيث ساهمت الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 في إضعاف البنية التحتية المالية، وتعطيل الإنتاج، وزيادة الأزمات السياسية والمصرفية، ما انعكس سلبًا على قيمة العملة المحلية.

تحذر تقارير اقتصادية ودولية من أن استمرار النزاع والانقسام السياسي قد يدفع البلاد إلى موجة تضخمية جديدة، تُضعف القدرة الشرائية وتزيد من هشاشة الاقتصاد. كما أظهرت البيانات تراجع أداء القطاعين الزراعي والحيواني، الأمر الذي فاقم العجز التجاري وأثر على قدرة الدولة في تمويل الواردات.

ويرى محللون أن أسباب تراجع الجنيه السوداني تعود إلى عوامل متعددة، تشمل توقف التحويلات الخارجية، وانسحاب بعض الودائع المحلية، وارتفاع الطلب على النقد الأجنبي للسفر والعلاج والدراسة، إضافة إلى لجوء البنك المركزي إلى طباعة العملة دون غطاء نقدي، وتباطؤ النشاط الاقتصادي المحلي، وهو ما ساهم في تعميق الأزمة النقدية وتحديات احتوائها.

Share This Article