في ظل التصعيد المستمر للأزمة السودانية، تتكثف الجهود الدولية والإقليمية لإيجاد مخرج سياسي يضع حداً للصراع الدائر منذ أبريل 2023. فقد كشف مسعد بولس، المستشار الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب لشؤون القارة الأفريقية، عن مشاركته في اجتماع وزاري مشترك عُقد مؤخراً لبحث تطورات الوضع في السودان، مؤكداً أن اللقاء يندرج ضمن تحركات دبلوماسية أوسع تهدف إلى احتواء الأزمة ومعالجة تداعياتها الإنسانية والسياسية.
الاجتماع ضم ممثلين من الاتحاد الأوروبي (فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة)، إلى جانب وفود من الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، إضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأفريقي. هذا التنسيق يعكس رغبة المجتمع الدولي في بلورة موقف مشترك إزاء الأزمة السودانية، وتوحيد الجهود الرامية إلى دفع الأطراف المتحاربة نحو مسار تفاوضي شامل.
بحسب تصريحات بولس المنشورة على حسابه الرسمي في منصة “إكس”، ركزت المداولات على ثلاثة محاور رئيسية:
- وقف التصعيد الميداني والعمل على تهيئة بيئة آمنة لوقف إطلاق النار.
- ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين المتضررين في مختلف الولايات السودانية.
- إرساء عملية سياسية بقيادة مدنية، بما يضمن مشاركة أوسع وتمثيلاً شاملاً لمختلف المكونات السودانية.
يشير مراقبون إلى أن هذا التحرك يعكس قناعة متزايدة لدى المجتمع الدولي والإقليمي بأن الأزمة السودانية لن تجد طريقها للحل عبر المقاربات العسكرية، وإنما عبر تسوية سياسية تضع في أولوياتها الحكم المدني الديمقراطي. كما يراه البعض بداية لتنسيق أوسع بين واشنطن والعواصم الأوروبية والإقليمية بهدف الضغط على الأطراف السودانية للانخراط في عملية تفاوضية جادة.
تأتي هذه الخطوة في وقت يتفاقم فيه الوضع الإنساني داخل السودان، حيث تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن البلاد تواجه أكبر أزمة نزوح في العالم حالياً، مع انهيار واسع في الخدمات الأساسية وتزايد معدلات المجاعة. هذا الواقع يفرض على القوى الدولية التحرك بشكل عاجل لوقف التدهور، خاصة في ظل غياب أي بوادر لحل سياسي شامل من الداخل.
الاجتماع الوزاري الأخير يمثل محطة مهمة في جهود البحث عن تسوية للأزمة السودانية، إذ جمع بين أطراف دولية وإقليمية رئيسية، وحدد مساراً واضحاً يقوم على وقف العنف، إيصال المساعدات، وبدء عملية سياسية بقيادة مدنية. غير أن نجاح هذه الجهود يبقى رهناً بمدى استعداد الأطراف السودانية للاستجابة، والتخلي عن خيار الحرب لصالح الحوار والتسوية.