الفاشر بين الصمود والانهيار… مناوي: المدينة لن تسقط في قبضة الدعم السريع

3 Min Read

في خضم المعارك الدائرة في إقليم دارفور، برزت مدينة الفاشر مجددًا كرمزٍ للصمود في وجه الحصار والهجمات المستمرة. فقد أكد حاكم الإقليم مني أركو مناوي في منشورٍ له على صفحته في “فيسبوك” أن المدينة “لن تسقط في قبضة قوات الدعم السريع”، مشددًا على أن إرادة المقاتلين أقوى من محاولات الترهيب وأن “صوت الحق يعلو فوق صوت الرصاص”.

تصريحات مناوي جاءت في توقيتٍ بالغ الحساسية، إذ تتصاعد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محاور عدة حول المدينة. ويُنظر إلى رسالته على أنها محاولة لرفع معنويات القوات المقاتلة داخل الفاشر، التي باتت آخر معقلٍ استراتيجي للجيش في دارفور بعد سقوط معظم مدن الإقليم بيد الدعم السريع خلال العام الماضي.

ويرى مراقبون أن مناوي يسعى من خلال هذا الخطاب إلى تعزيز الثقة في قدرة القوات المشتركة على الصمود، في ظل تزايد المخاوف من انهيار الوضع الإنساني وغياب أي مؤشرات لوقف إطلاق النار القريب. كما تُعد تصريحاته جزءًا من معركة إعلامية تهدف إلى طمأنة سكان الإقليم والتأكيد على أن الفاشر لا تزال تقاوم رغم الحصار الخانق.

على الصعيد الإنساني، تواجه الفاشر أوضاعًا مأساوية نتيجة الانقطاع التام للمساعدات الغذائية والدوائية منذ شهور. وتشير تقارير ميدانية إلى أن الأسعار ارتفعت بصورة غير مسبوقة، فيما أغلقت معظم التكايا والمطابخ المجتمعية أبوابها بعد نفاد الإمدادات. ويعيش آلاف المدنيين على مواد محدودة، في وقتٍ تتزايد فيه الإصابات والأمراض الناتجة عن نقص التغذية والمياه النظيفة.

كما حذّرت منظمات أممية من أن استمرار الحصار قد يؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، خصوصًا في ظل تزايد أعداد النازحين من القرى المحيطة الذين لجأوا إلى المدينة بحثًا عن الأمان.

تُعد الفاشر اليوم آخر جبهة صلبة بيد الجيش السوداني في دارفور، ما يجعلها محورًا رئيسيًا في موازين القوى. سقوطها – إن حدث – سيعني تغيّرًا جذريًا في خريطة السيطرة داخل الإقليم، وهو ما يدركه الطرفان جيدًا. لذلك، تكتسب تصريحات مناوي أهمية سياسية تتجاوز الجانب العسكري، إذ تحمل رسالة تمسّ هوية الإقليم ومستقبله السياسي في ظل غياب الحلول الدبلوماسية.

وفي وقتٍ تتكثف فيه الدعوات الدولية لوقف القتال وفتح ممرات إنسانية، تبقى الفاشر عنوانًا لمعركةٍ طويلة، بين إرادة الصمود وواقعٍ إنساني يزداد قسوة يومًا بعد آخر.

Share This Article