في خطوة تُعد مؤشراً على عودة المؤسسات القومية إلى العمل من العاصمة، أعلن المهندس محمد طاهر عمر، المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية، عن الجاهزية الكاملة لاستئناف أعمال الشركة من مقرها الرئيسي في أبراج المعادن بحي المجاهدين على شارع مدني في ولاية الخرطوم، وذلك عقب اكتمال عمليات الصيانة وإعادة التأهيل التي استمرت لثلاثة أشهر، وأوضح طاهر أن المقر الجديد سيجمع تحت سقفه كافة إدارات الشركة، بالإضافة إلى وزارة المعادن وهيئة الأبحاث الجيولوجية، مما يسهم في تعزيز التنسيق المؤسسي وتكامل الأدوار في قطاع المعادن الذي يُعد من الركائز الاقتصادية المهمة للبلاد.

وخلال اجتماع مشترك عُقد اليوم مع لجنة تأمين الموقع واللجان الفنية، استعرض المدير العام التقارير المقدّمة حول الجهود المبذولة في إعادة تأهيل المبنى، مشيدًا بما تم إنجازه في فترة وجيزة رغم التحديات الأمنية واللوجستية، ولفت إلى أن عودة العاملين إلى مقرهم الرئيسي تأتي في إطار خطة وطنية لإعادة مؤسسات الدولة إلى مواقعها الطبيعية، وتأكيداً على استقرار الأوضاع في ولاية الخرطوم بعد فترة من الاضطراب.
وقال محمد طاهر عمر:
“لقد أصبحنا على أتم الاستعداد للانطلاق من جديد من داخل العاصمة الخرطوم، في بيئة مؤسسية آمنة ومهيأة بكل ما يلزم من بنى تحتية وتقنيات حديثة، ما يعكس عزمنا على مواصلة العمل والإسهام في دعم الاقتصاد الوطني رغم كل التحديات.”
وخصّ المدير العام بالشكر القوات المسلحة والأجهزة النظامية والمستنفرين، لدورهم الكبير في تأمين ولاية الخرطوم والمساعدة في تحرير مواقع استراتيجية، من بينها أبراج المعادن، كما أعرب عن امتنانه العميق لمنسوبي الشركة الذين شاركوا فعلياً في عمليات التأمين، وساندوا جهود الأجهزة النظامية، وهو ما وصفه بأنه “دليل على الحس الوطني والانتماء المؤسسي”.
وأضاف:
“إن عودة الشركة إلى الخرطوم لم تكن قراراً إدارياً فقط، بل تجسيدٌ لإرادة وطنية، وإعلان بأن مؤسسات الدولة ستظل قائمة وفاعلة رغم كل التحديات.”
ويُعد قطاع المعادن من أبرز القطاعات الاقتصادية في السودان، حيث تساهم الشركة السودانية للموارد المعدنية بدور محوري في تنظيمه وضمان التزام الشركات بمعايير السلامة والاشتراطات البيئية والمالية، إلى جانب تحصيل العوائد السيادية من إنتاج الذهب والمعادن الأخرى.
ويُتوقع أن تُسهم العودة الكاملة إلى مقر الشركة بالخرطوم في رفع كفاءة الأداء، واستئناف العمليات الرقابية والفنية بصورة أكثر فاعلية، خصوصاً في ظل التوجه الحكومي نحو تنشيط الاقتصاد وتعزيز الإيرادات الذاتية في ظل تراجع الدعم الخارجي وتعقيدات الوضع المالي.
تُمثّل عودة الشركة إلى أبراج المعادن رسالة سياسية واقتصادية مفادها أن الدولة ماضية في بسط سلطتها على العاصمة، وأن مرحلة التراجع والتموضع خارج الخرطوم قد بدأت في التلاشي، كما تعكس هذه الخطوة بداية جديدة في مسار استعادة دورة الحياة المؤسسية ومواصلة العمل من داخل قلب السودان.
ويُتوقع أن تلي هذه الخطوة عودة مؤسسات أخرى إلى مواقعها الأصلية في العاصمة، ما من شأنه أن يدفع نحو تسريع وتيرة التعافي المؤسسي للدولة في مرحلة ما بعد الحرب.