الرباعية على أعتاب اجتماع حاسم في واشنطن: هل تنجح خريطة الطريق في إنهاء الحرب السودانية؟

5 Min Read

تترقب الأوساط السياسية والمدنية في السودان اجتماع الآلية الرباعية المقرر انعقاده خلال شهر أكتوبر الجاري في واشنطن، وسط آمال بأن يكون هذا اللقاء الدولي منعطفًا حقيقيًا نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ويعكس هذا التحرك الدولي المتجدد حالة من التفاؤل الحذر في ظل الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي أودت بحياة آلاف المدنيين، وتسببت في نزوح ملايين السودانيين، وانهيار واسع للبنية التحتية والاقتصاد الوطني.

تزامنًا مع التحضيرات لاجتماع واشنطن، أجرى الفريق أول عبد الفتاح البرهان زيارة رسمية إلى القاهرة، حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
اللقاء بين الجانبين حمل رسائل واضحة تؤكد دعمًا إقليميًا متزايدًا للمبادرة الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.
وأكد الجانبان ضرورة توحيد الجهود الإقليمية لوقف الحرب، فيما شدد وزير الخارجية السوداني محيي الدين سالم على أن “الزخم الدولي الذي أحدثته المبادرة الأميركية في غزة يمكن استثماره لتحقيق سلام مستدام في السودان”، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تتطلب رؤية موحدة وجهودًا منسقة بين الفاعلين المحليين والدوليين.

من جانبه، قال بابكر فيصل، رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي وقيادي في تحالف صمود بزعامة عبد الله حمدوك، إن اجتماع الرباعية من المتوقع أن يخرج بخطة زمنية وآليات تنفيذية لوقف إطلاق النار وبدء هدنة إنسانية.
وأشار إلى أن كلا الطرفين المتحاربين أبديا استعدادًا مبدئيًا للتعاطي مع خريطة الطريق، مؤكدًا أن الشارع السوداني بدأ يميل لصالح خيار “وقف الحرب” بدلاً من استمرار المواجهة العسكرية.
لكنه حذّر في الوقت نفسه من أن أي اتفاق ثنائي بين الجيش والدعم السريع لتقاسم السلطة سيكون ناقصًا وغير كافٍ لتحقيق سلام دائم، مشددًا على أهمية عملية سياسية شاملة تستبعد العناصر الإسلامية التي ما تزال تسيطر على بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية.وفي سياق متصل، شهدت العاصمة الإيطالية روما اجتماعًا ثلاثيًا ضم نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، والرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، والمستشار الأميركي لشؤون إفريقيا مسعد بولس.
اللقاء يأتي في إطار الجهود الدولية لتقريب وجهات النظر بين الجيش والدعم السريع. وأكد بولس في تصريحات سابقة أن الطرفين “أقرب من أي وقت مضى إلى محادثات مباشرة”، مشيرًا إلى اتصالات أميركية مكثفة تهدف لوضع أسس تفاوضية مشتركة بين الجانبين.
كما كشفت تقارير صحفية عن مشاورات غير معلنة تتناول الترتيبات الفنية لاستئناف المفاوضات عبر منبر جدة، بدعم من السعودية والولايات المتحدة.

في تطور مفاجئ، أبدت الحكومة الموازية التابعة لقوات الدعم السريع استعدادها للتفاعل مع مبادرة الرباعية، في إشارة إلى انفتاح نسبي على المسار السياسي الدولي بعد أكثر من عامين من القتال.
بالمقابل، بدأت دوائر سياسية قريبة من البرهان التواصل مع وسطاء إقليميين ودوليين لحث القيادة العسكرية على التعاطي الإيجابي مع خريطة الطريق الجديدة، بعد فشل الرهان الطويل على الحسم العسكري.

وفقًا للمحلل السياسي عبد الله آدم خاطر، لم تعد مبادرة الرباعية مقتصرة على الدول الأربع، بل تحولت إلى حراك دولي واسع تدعمه الأمم المتحدة، والاتحادان الإفريقي والأوروبي، والجامعة العربية، وهيئة إيغاد، فضلًا عن دعم غالبية الدول المجاورة للسودان.
ويعتبر خاطر أن هذا الزخم يشكل “كرة ثلج سياسية” تتوسع باستمرار، ما يزيد فرص نجاح الجهود الدولية في وقف الحرب وبدء مرحلة انتقال سياسي جديدة.
وأضاف أن كل المؤشرات تشير إلى أن العودة إلى منبر جدة أصبحت مسألة وقت، بعد اكتمال الترتيبات الفنية لتحديد آليات التفاوض ووقف إطلاق النار.

تلعب ثلاث دول السعودية ومصر والإمارات دورًا أساسيًا في دعم المسار السياسي، بحكم علاقاتها الوثيقة مع واشنطن وتأثيرها على الأطراف السودانية.
ويُنظر إلى هذا التحالف الإقليمي – الدولي كعامل ضغط إيجابي يدفع نحو حل شامل يركّز على حماية المدنيين وتسهيل المساعدات الإنسانية، تمهيدًا لمرحلة انتقال سياسي شفاف تستغرق تسعة أشهر وتنتهي بتشكيل حكومة مدنية غير خاضعة لأي طرف مسلح.

بين الرهان على الحل السياسي والتشكيك في جدوى المفاوضات، يبقى مستقبل السودان رهينًا بقدرة الأطراف المحلية والدولية على تجاوز الحسابات الضيقة.
فاجتماع واشنطن قد يمثل الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد من الانهيار الكامل، أو يتحول إلى محطة جديدة من الإخفاقات الدبلوماسية إذا استمرت حالة عدم الثقة بين المتحاربين.

Share This Article