أصدر الجيش السوداني قرارًا يقضي بإبعاد القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة من مهام الفصل بين عشيرتين متنازعتين من قبيلة الزغاوة في شمال دارفور، وذلك بعد ورود تقارير أكدت تورط عناصر من هذه القوة في الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها المنطقة.
وأوضح مصدر عسكري، أن القرار جاء عقب اندلاع مواجهات عنيفة في بلدة كرنوي، قبل أن تمتد إلى مناطق أخرى من الولاية، وسط مخاوف من تجدد أعمال العنف القبلي. وأضاف أن القيادة العسكرية دفعت بتعزيزات كبيرة من مدينة الطينة لتأمين المنطقة وفض النزاع، مؤكداً أن الجيش قرر عدم إشراك القوة المشتركة بعد ثبوت انحياز بعض عناصرها إلى أحد أطراف الصراع.
وبحسب المصادر، فإن الاشتباكات التي بدأت في كرنوي امتدت إلى بلدات أبوقمرة، تندوباية، وأبوليحة، ما أسفر عن خسائر مادية كبيرة وحرق قرى ومناطق تتبع لإدارة الزعيم القبلي الشرتاي آدم صبي.
وتعود جذور التوتر إلى حادثة اختطاف الشرتاي صبي، زعيم عموم دار قلا، في منتصف أغسطس الماضي من منزله في كرنوي، حيث اقتيد إلى جهة مجهولة. وتُشير الروايات إلى أن اختطافه فجّر نزاعًا بين بطون الزغاوة، بعد اتهامات وجهت إليه بتسريب إحداثيات لطائرة مسيّرة استهدفت اجتماعًا أهليًا في مدينة الطينة كان مخصصًا لمناقشة قضايا نهب مسلح تعود لعام 2021، خلّفت حينها قتلى من أبناء القبيلة في السودان وتشاد.
ووفق ما أفاد الشيخ هرون خاطر، أحد القيادات الأهلية في شمال دارفور، فقد أسفرت المواجهات الأخيرة في كرنوي يوم السبت عن مقتل 19 شخصًا، بينهم قيادات أهلية بارزة، إضافة إلى إصابة خمسة أشخاص وفقدان ثمانية آخرين. ومن بين القتلى العمدة آدم جبر الله النور صالح، والطيب آدم صبي التجاني، والشيخ حامد عبد الجبار عبد الكريم، بينما لا يزال العمدة يحيى مرسال نهار ومحمد آدم صبي التجاني – نجل الشرتاي – ضمن قائمة المفقودين.
وأشار خاطر إلى أن الجرحى نُقلوا إلى مدينة الطينة لتلقي العلاج، فيما تواصل فرق محلية وأهلية عمليات البحث عن المفقودين وسط أجواء من الترقب والتوتر في المنطقة.
بالتوازي مع التطورات الميدانية، وصل وفد أهلي من قبيلة الزغاوة قادمًا من تشاد إلى مدينة الطينة متوجهاً إلى كرنوي، في إطار مبادرة للوساطة واحتواء النزاع. وذكر أحد زعماء الإدارة الأهلية أن الوفد يسعى إلى إطلاق حوار مجتمعي شامل يهدف إلى إنهاء الصراع المستمر منذ سنوات بين المكونات القبلية بالمنطقة.
كما أفاد بأن وفودًا من قبائل التنجر والفور والمساليت والبرقو والبرتي تستعد للانضمام إلى مبادرة صلح نهائي في ولايتي الطينة وكرنوي، تهدف إلى معالجة النزاع الممتد منذ عام 2021، والذي شهد موجات متكررة من الهجمات المسلحة عبر الحدود السودانية التشادية.
يأتي القرار العسكري بإقصاء القوة المشتركة في وقت تسعى فيه السلطات إلى إعادة ضبط الأوضاع الأمنية في شمال دارفور، ومنع تحول النزاع القبلي إلى مواجهات أوسع تهدد الاستقرار في الإقليم. وتؤكد مصادر محلية أن نجاح المبادرات الأهلية يتوقف على ضمان حياد القوات النظامية والتزامها بحماية المدنيين دون انحياز لأي طرف.