أعلنت الأمم المتحدة أن قوات حفظ السلام التابعة لها نفذت عملية إجلاء عاجلة لأكثر من مئة مدني من منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، عقب مواجهات مسلحة اندلعت بين مجموعات من القوات المشتركة خلال الأسبوع الجاري.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن القتال اندلع بين عناصر من قوات دفاع شعب جنوب السودان (SSPDF) وأخرى من الفصائل المسلحة في المنطقة، مما دفع بعثة الأمم المتحدة المؤقتة في أبيي (يونيسفا) إلى التدخل الفوري لحماية المدنيين وتأمين ملاذات آمنة لهم.
وأوضح دوجاريك أن بعثة يونيسفا قامت بنقل المدنيين المتضررين، ومعظمهم من النساء والأطفال، من قرية ملوال أليو إلى قاعدة البعثة في كاديان، حيث تم توفير المأوى والغذاء والمياه والرعاية الطبية الأساسية لهم.
وأضاف أن أكثر من تسعين مدنيًا آخرين تمكنوا من الوصول إلى قاعدة البعثة في رومامير جنوب أبيي، حيث تم استقبالهم وتأمين حمايتهم ضمن نطاق مسؤولية البعثة.
وأكد المتحدث الأممي أن يونيسفا كثّفت من تسيير الدوريات الميدانية ونشرت وحدات تدخل سريع إضافية في محيط المنطقة لاحتواء الموقف ومنع أي تصعيد جديد، وذلك تنفيذًا لتفويضها الأساسي المتمثل في حماية المدنيين في مناطق النزاع.
من جانبه، قال اللواء لول رواي كوانق، المتحدث باسم الجيش في جنوب السودان، إن الاشتباك الذي وقع الثلاثاء الماضي لم يكن ذا طابع سياسي، بل نجم عن “سوء فهم” بين ضابطين.
وأوضح أن الخلاف بدأ في مقهى شاي قبل أن يتطور إلى تبادل لإطلاق النار بين عناصر من الجيش وقوات المعارضة السابقة (SPLA-IO)، ما أسفر عن مقتل 14 جنديًا — ثمانية من SSPDF وستة من SPLA-IO — وامتداد الاشتباك إلى السوق ونقاط التفتيش القريبة.
وأضاف أن أحد ضباط المعارضة أطلق النار على نقيب في الجيش إثر خلاف شخصي، مما أدى إلى انهيار التنسيق بين الطرفين في المنطقة.
في سياق متصل، قال الفريق بيتر باوا جاموس، وهو قائد محلي في أبيي، إن الحادث تسبب في تفكك الوحدة المشتركة التي كانت متمركزة في المنطقة، حيث انسحب أكثر من 400 جندي من قوات المعارضة السابقة من مواقعهم في عدد من القرى وتوجهوا شمالاً نحو أبيي.
وأشار إلى أن هذا الانسحاب يعكس الهشاشة الأمنية في المنطقة، وسط غياب آليات فعالة لضبط السلوك العسكري ومنع الانفلات الميداني، مما يثير مخاوف من تجدد التوترات وتهديد الاستقرار المحلي.
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه منطقة أبيي تصاعدًا متكررًا في حوادث العنف بين القوات النظامية والمجموعات المحلية المسلحة، ما يجعلها واحدة من أكثر النقاط توترًا على الحدود السودانية – الجنوب سودانية.
وتواصل بعثة يونيسفا عملها في المنطقة منذ عام 2011 بقرار من مجلس الأمن الدولي، في إطار تفويض يهدف إلى حماية المدنيين ومنع تجدد النزاعات بين المجتمعات المحلية المتنازعة.