شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يوم الأحد، مواجهات ميدانية عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في واحدة من أكثر المعارك حدة منذ أسابيع. ووفقًا لمصادر عسكرية مطلعة، فإن قوات الدعم السريع شنّت هجومًا واسعًا ومدعومًا بآليات ثقيلة وطائرات مسيّرة على مواقع الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش داخل المدينة، في محاولة لاختراق خطوط الدفاع وتأمين تقدم نحو المرافق العسكرية الحيوية.
وبحسب المصادر، بدأ الهجوم بقصف مدفعي وتمهيد ناري مكثف استهدف الدفاعات الأمامية للفرقة السادسة، تلاه تقدم بري مدعوم بـ دبابات قتالية وعربات مصفحة نحو مواقع سلاح المهندسين وسلاح الإشارة والسلاح الطبي.
إلا أن الجيش السوداني تصدى للهجوم باستخدام المدفعية الثقيلة والطائرات المسيّرة، وتمكن من تدمير دبابة وعدة عربات قتالية، إضافة إلى سقوط عشرات القتلى في صفوف المهاجمين، وفقًا لما ذكرته المصادر العسكرية.
وأشارت التقارير إلى أن قوات الدعم السريع انسحبت من بعض المواقع بعد فشلها في تحقيق اختراق ميداني، فيما استمر القصف المتبادل في الأطراف الشرقية والشمالية من المدينة.
سكان محليون في الفاشر أفادوا بأن أعمدة الدخان ما زالت تتصاعد في سماء المدينة، بينما تراجعت حركة المدنيين بشكل شبه تام.
وقال شهود عيان إن القصف المدفعي استمر منذ الساعات الأولى من الصباح، واستهدف مناطق قريبة من مراكز الإيواء والمخيمات، ما تسبب في حالة من الذعر الواسع بين السكان، خاصة في ظل غياب الممرات الآمنة وانعدام الخدمات الأساسية.
كما ذكرت لجان مقاومة الفاشر في بيان لها أن المدينة تشهد “قصفًا عشوائيًا ومكثفًا” طال أحياءً سكنية ومرافق عامة، مما أدى إلى اهتزاز المباني ونزوح العائلات من منازلها.
البيان أشار إلى تدهور الأوضاع الإنسانية مع توقف “التكايا” ونفاد المواد الغذائية، مؤكدًا أن الأطفال وكبار السن يواجهون أوضاعًا صحية حرجة نتيجة انعدام الغذاء والدواء.
تخضع مدينة الفاشر منذ أكثر من خمسمئة يوم لحصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع، ما أدى إلى انقطاع الإمدادات الغذائية والطبية وارتفاع معدلات الوفيات اليومية.
ووفق تقارير محلية، فإن الأوضاع المعيشية في المدينة وصلت إلى مستويات وصفت بالكارثية، حيث يعاني السكان من نقص حاد في المياه والوقود وتوقف شبه كامل للمؤسسات الصحية والخدمية.
ويرى مراقبون أن استمرار الحصار وتدهور الوضع الأمني ينذران بكارثة إنسانية واسعة النطاق، في ظل محدودية التدخل الدولي وضعف الاستجابة الإنسانية.
ويطالب ناشطون ومنظمات محلية بضرورة فتح ممرات إنسانية عاجلة لإيصال المساعدات إلى السكان المتأثرين، وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني.
تأتي هذه التطورات بينما تواصل الفاشر، وهي آخر المدن الكبرى التي ما تزال تحت سيطرة الجيش السوداني في إقليم دارفور، تحمل عبء الصراع المتصاعد بين الطرفين.
وبينما تتحدث التقارير عن هدوء نسبي عقب الاشتباكات، فإن الوضع يبقى هشًا وقابلاً للانفجار في أي لحظة، ما لم يتم إرساء هدنة إنسانية شاملة تتيح معالجة الأوضاع الميدانية والمعيشية على حد سواء.