في ظل انهيار البنية التحتية الصحية وتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” عن ارتفاع غير مسبوق في حالات الإصابة بالكوليرا بولاية الخرطوم، محذّرة من أن الوباء بات يشكّل تهديداً حقيقياً لحياة مئات الآلاف، لا سيما الأطفال، ووفقًا لبيان صادر عن المنظمة، فإن الإصابات بالكوليرا في الخرطوم ارتفعت بشكل صادم من 90 حالة يومياً إلى 815 حالة خلال الفترة من 15 إلى 25 مايو الجاري، أي بزيادة تصل إلى تسعة أضعاف خلال عشرة أيام فقط، وأوضحت يونيسف أن العدد الإجمالي للإصابات التي تم الإبلاغ عنها منذ بداية العام بلغ أكثر من 7,700 حالة، إلى جانب 185 حالة وفاة مرتبطة بالمرض.
وتُظهر هذه الأرقام، التي تستند إلى بيانات رسمية من وزارة الصحة، حجم التحدي الذي تواجهه السلطات الصحية والمنظمات الإنسانية، خاصة في ظل تضارب الإحصاءات بين عدة جهات، حيث ذكرت نقابة الأطباء أن أم درمان وحدها سجلت 1,335 إصابة و500 وفاة، في حين تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أكثر من 6,223 إصابة في ولاية الخرطوم، وتعزو يونيسف هذا التصاعد إلى الانهيار الحاد في خدمات المياه والكهرباء، بعد الهجمات المتكررة التي استهدفت محطات الطاقة في الخرطوم، وهو ما أدّى إلى توقف إمدادات المياه النظيفة، وأُجبرت آلاف الأسر على جمع المياه من مصادر ملوثة، مما فاقم من انتشار المرض في الأحياء المكتظة ومناطق النزوح.
في هذا السياق، أطلقت المنظمة حملة تطعيم فموية شملت حتى الآن 115 ألف جرعة، مع خطط لتوسيعها إلى أكثر من ثلاثة ملايين جرعة خلال الأسبوع الجاري، وأكدت أنها قدمت حتى الآن 13.7 مليون جرعة من لقاحات الكوليرا منذ عام 2023، من بينها 1.6 مليون هذا العام، بهدف تطعيم السكان في الخرطوم وشمال كردفان، كما نبّهت إلى الخطر المتزايد الذي يهدد الأطفال، خاصة مع وجود أكثر من مليون طفل في المناطق المتضررة بولاية الخرطوم، يعاني نحو 307 آلاف منهم من سوء التغذية الحاد، وثلثهم في محليتي جبل أولياء والخرطوم فقط. وشددت على أن ضعف بنية الأطفال الجسدية نتيجة سوء التغذية يعرضهم لخطر الوفاة إذا أصيبوا بالكوليرا ولم يحصلوا على علاج عاجل.
وناشدت يونيسف المجتمع الدولي توفير 3.2 مليون دولار إضافية بشكل عاجل لدعم جهود مكافحة الكوليرا، وتشمل هذه الجهود دعم خدمات الصحة والمياه والنظافة العامة والتغذية، إضافة إلى تغيير السلوك المجتمعي لاحتواء الوباء والحد من الوفيات، ويأتي هذا التحذير في وقت أصبحت فيه 80% من مرافق الرعاية الصحية في مناطق النزاع خارج الخدمة، إلى جانب تعطل قرابة 45% من المرافق في باقي المناطق، ما يجعل الاستجابة للوباء أكثر تعقيداً ويزيد من احتمالات انهيار النظام الصحي بالكامل في حال استمرار الوضع على ما هو عليه.