في تعليق على واقعة أثارت موجة من الحزن والقلق في الأوساط الثقافية والتاريخية، وصف القيادي في تحالف صمود، ياسر عرمان، حادثة نهب متحف السودان القومي بأنها واحدة من أخطر الخسائر التي لحقت بالسودان منذ اندلاع الحرب، مؤكداً أن ما جرى هو بمثابة نهب للذاكرة الوطنية واعتداء على إرث حضاري يمتد لآلاف السنين، وقال عرمان في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، إن المتحف القومي لا يقتصر على كونه مخزناً للقطع الأثرية فحسب، بل يُعد شاهداً على مساهمة السودانيين في بناء الحضارة الإنسانية، بما يحويه من آثار نادرة تعود إلى الحضارات النوبية والمروية والممالك الإسلامية، فضلاً عن المقتنيات المرتبطة بتاريخ السودان الحديث.
ووصف عرمان ضياع هذه الثروة بأنه خسارة لا تُقدر بثمن، مشيراً إلى أن المتحف كان يمثل ركيزة أساسية في تعزيز الهوية الوطنية، ونافذة فريدة تُظهر للعالم ثراء السودان الثقافي والتاريخي، ودعا عرمان إلى ضرورة التحرك العاجل من قبل السودانيين، عبر تشكيل لجنة وطنية وقانونية متخصصة تتولى مهمة توثيق المفقودات وملاحقة الآثار المنهوبة، واستعادتها من الأسواق والمتاحف العالمية، مشيراً إلى أهمية الاستفادة من تجارب دول أخرى، وعلى رأسها العراق، التي واجهت تحديات مشابهة عقب الغزو ونهب متاحفها.
وأضاف أن الحرب لا يجب أن تكون غطاء لطمس التاريخ وسرقة هوية الشعوب، مؤكداً أن الحفاظ على التراث الثقافي ينبغي أن يكون أولوية وطنية، ومشدداً على أهمية التعاون مع المنظمات الدولية المختصة، مثل منظمة اليونسكو، لتقديم الدعم الفني والقانوني في عمليات التتبع والاستعادة، وتأتي هذه التصريحات في ظل أوضاع أمنية وإنسانية متدهورة يعيشها السودان، حيث طالت عمليات النهب والتخريب العديد من المؤسسات والمواقع الأثرية، ما يهدد بإتلاف جزء كبير من الذاكرة الجمعية للبلاد في غياب سلطة مركزية فاعلة وآليات حماية للتراث.
ويُعد متحف السودان القومي من أكبر المتاحف في إفريقيا، ويمثل مركزاً حيوياً لتوثيق تاريخ السودان، حيث يضم آلاف القطع التي تروي مراحل مختلفة من الحضارات السودانية المتعاقبة ويقع المتحف على ضفاف النيل في الخرطوم، وكان في السابق وجهة رئيسية للباحثين والسياح والمواطنين على حد سواء.