أشار السياسي والقيادي في الحركة الشعبية، ياسر عرمان، إلى أن تعيينات حديثة في مفاصل الدولة، من بينها تعيين دفع الله الحاج وعمر صديق في مناصب رفيعة، تُظهر مؤشرات واضحة على تحالف متجدد بين قيادة الجيش السوداني وجناح محسوب على حزب المؤتمر الوطني المحلول، في ما وصفه بأنه “هبوط ناعم” لإعادة إدماج تيارات إسلامية في مؤسسات الحكم، وفي مقال تحليلي نشره اليوم، طرح عرمان عدة تساؤلات حول توجهات الجيش بعد مرور عامين على الحرب واستعادة أجزاء من العاصمة الخرطوم، قائلاً إن القيادة العسكرية تواجه اختباراً حقيقياً بين التوجه نحو مشروع وطني مدني قائم على الحرية والسلام والعدالة، أو العودة إلى مشروع سلطوي قديم، تتغير أشكاله دون تغيير في جوهره.
وأكد عرمان أن الجيش ما زال يعاني من ما وصفه بـ”زواج مصلحة سياسي” مع تيارات إسلامية كانت جزءاً من النظام السابق، مشيراً إلى أن تجاوز هذه العلاقة بات شرطاً ضرورياً لبناء جيش مهني يخدم الدولة لا الحزب، وأضاف: “بناء جيش وطني حقيقي يمر عبر الإرادة الشعبية وشوارع الثورة، وليس عبر الكتائب الأيديولوجية”، وتوقف عرمان عند تعيين كل من عمر صديق ودفع الله الحاج، معتبراً أن هذه التعيينات تعكس بداية تحالف استراتيجي بين الجيش وجناح “ناعم” من المؤتمر الوطني يمكن تمريره إقليمياً ودولياً دون إثارة الشبهات، وانتقد ما أسماه بـ”تصنيف الإسلاميين إلى أخيار وأشرار”، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى مكافأة بعض الأطراف التي ساهمت في إشعال الحرب.
وأضاف أن الشخصيات المعيّنة ترتبط بجماعات المصالح داخل النظام السابق، وأن وجودها في السلطة يعبّر عن عودة تدريجية للتيار الإسلامي إلى المشهد، من خلال تحالف مع القيادة العسكرية، بما يعكس استمرار نمط الحكم السابق وإن تغيرت بعض أدواته، ورأى عرمان أن التحالفات العسكرية القائمة سواء في معسكر الجيش أو القوى السياسية المتحالفة معه تعاني من تصدعات واضحة، موضحاً أن هذا التحالف الهش لا يحمل مشروعاً وطنياً حقيقياً، بل يسير نحو تقاسم نفوذ وسلطة بين الأطراف على حساب حل الأزمة الوطنية الشاملة، كما أشار إلى أن أطرافاً إقليمية ودولية تسعى إلى تسوية سريعة للصراع دون معالجة جذوره، مما قد يفضي إلى اتفاق سطحي يعيد إنتاج الأزمة في المستقبل.
وفي جانب آخر من حديثه، شدد عرمان على أهمية التمييز بين الدولة ككيان وطني جامع، والجيش كمؤسسة ينبغي أن تتبع للدولة لا للحزب، مشيراً إلى أن محاولات الإسلاميين لاختطاف مؤسسات الدولة على مدى العقود الماضية تمثل عقبة أمام بناء مؤسسات حديثة ومحايدة، واختتم عرمان حديثه بالتأكيد على أن الخروج من الأزمة الحالية يتطلب وقف الحرب بشكل فوري، ومخاطبة أسبابها وجذورها السياسية والاجتماعية، داعياً إلى بناء “كتلة مدنية ثالثة” تمثل القوى الديمقراطية والوطنية المستقلة، تكون قادرة على تقديم بديل سياسي يحمي وحدة السودان، ويستجيب لتطلعات ثورة ديسمبر في الحرية والسلام والعدالة، وأضاف أن هذه الكتلة هي القادرة وحدها على مواجهة الاستقطاب بين طرفي الحرب، وإعادة الاعتبار للعمل المدني والسياسي المستقل في السودان.