في وقت تواجه فيه البلاد تحديات صحية متزايدة نتيجة الحرب والنزوح والانهيار العام في البنية التحتية، تبرز ولاية البحر الأحمر كنموذج للتخطيط الصحي الهادف، مع اقتراب افتتاح مركز القلب والقسطرة بمدينة بورتسودان، الذي يُعد من أهم المشاريع الحيوية في قطاع الصحة بالمنطقة الشرقية، ويأتي هذا المشروع ضمن خطة طموحة لتوطين التخصصات الطبية الدقيقة داخل الولاية، بهدف تقليل الحاجة إلى تحويل المرضى إلى خارج الولاية أو حتى خارج السودان، وهو ما يمثّل عبئاً مالياً ونفسياً كبيراً على المواطنين، خصوصاً في ظل الظروف الراهنة.
وقالت الدكتورة أحلام عبد الرسول، المدير العام لقطاع الصحة بالولاية، إن المشروع يمثّل التزاماً واضحاً من حكومة البحر الأحمر بدعم القطاع الصحي، من خلال صيانة وتأهيل المركز وتجهيزه بأحدث الأجهزة الطبية، وفي مقدمتها جهاز القسطرة القلبية الذي سيتم تركيبه خلال الأيام القادمة تمهيداً للتشغيل الرسمي للمركز، وأضافت أن المركز سيحدث تحولاً كبيراً في مستوى الخدمة الصحية المقدمة، وسيسهم في رفع كفاءة القطاع الطبي بالولاية من خلال دعم الكوادر المحلية، وتوفير بيئة علاجية آمنة ومتقدمة للمرضى الذين كانوا سابقاً يعانون من مشاق السفر الطويل وتكاليف العلاج الباهظة.
وأكدت عبد الرسول أن زيارات والي البحر الأحمر الفريق الركن مصطفى محمد نور المتكررة للمركز تعكس جدية الحكومة في تنفيذ المشروع ومتابعة سير العمل، مشيدة بدور الوالي والكوادر الطبية والفنية الذين يعملون بإخلاص في ظل ظروف صعبة، من جانبه، أوضح المدير الإداري للمركز، الأستاذ تيسير حامد غلام، أن الأعمال الفنية تمضي بوتيرة جيدة في تجهيز الموقع وتركيب الأجهزة، معرباً عن شكره لكل الجهات التي ساهمت في تنفيذ المشروع، بما في ذلك وزارة الصحة، المركز الهندسي، الجهات المانحة، والكوادر الطبية التي دعمت العمل من بدايته.
وأشار غلام إلى أن الحكومة خصصت سكناً للطبيبات بالقرب من مستشفى عثمان دقنة، كما تعمل على توفير سكن مناسب للأطباء في حي ديم المدينة، ما يعزز من استقرار الكوادر العاملة ويضمن استمرارية الخدمة، ويُتوقع أن يسهم مركز القلب والقسطرة في تخفيف الضغط الكبير على المستشفيات المرجعية في العاصمة، ويفتح آفاقاً جديدة للتدريب وتطوير الكوادر في شرق السودان، كما يعزز ثقة المواطنين في النظام الصحي المحلي، في ظل الانهيار شبه الكامل للمؤسسات الصحية في ولايات أخرى، يُنظر إلى مشروع مركز القلب في البحر الأحمر كواحد من الأمثلة القليلة التي تعكس إرادة حقيقية لإحداث تغيير إيجابي، وتقديم خدمة طبية تخصصية تنقذ الأرواح وتعيد الأمل للآلاف من مرضى القلب بالولاية والولايات المجاورة.