أكد وزير الثقافة والإعلام، الأستاذ خالد الإعيسر، أن الحكومة السودانية عازمة على توسيع هامش الحريات الصحفية، وحماية حقوق العاملين في المجال الإعلامي من خلال تشريعات متطورة تستجيب لمتغيرات المشهد الإعلامي والسياسي في البلاد، وتُرسّخ مبدأ الإعلام المهني المسؤول القائم على الشفافية والمهنية، جاء ذلك خلال الجلسة الختامية لورشة مناقشة مقترحات تعديل قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية التي استضافتها مدينة بورتسودان، وشهدت مشاركة واسعة من الإعلاميين والمهنيين والخبراء من داخل السودان وخارجه.
وأشار الإعيسر إلى أن السودان يمر بمرحلة تاريخية معقدة تتطلب مراجعة شاملة للتشريعات الإعلامية، بما يضمن حرية التعبير، وفي ذات الوقت يحافظ على الأمن القومي، ويحارب خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي، مشدداً على أن الوزارة تسعى إلى بناء نموذج إعلامي متوازن، يُعلي من قيمة الحقيقة، ويمنح مساحة للجميع دون تمييز أو إقصاء، وأكد أن التشريعات الجديدة لن تكون أدوات للرقابة والتقييد، بل ستكون ضمانة لحماية الحريات، وتنظيم العمل الإعلامي على أسس مهنية واضحة تواكب المعايير الدولية، وتحترم الخصوصية السودانية والقيم المجتمعية.
وحول التوصيات الصادرة عن الورشة، أكد وزير الإعلام أن ما طُرح من أفكار ومقترحات سيلقى عناية خاصة ودراسة دقيقة من قبل جهات الاختصاص، مؤكداً أن ختام الورشة لا يعني نهاية المطاف، بل بداية لمسار طويل من الحوار المجتمعي والتشاور مع أصحاب المصلحة من صحفيين وناشرين ومؤسسات مجتمع مدني، وأضاف: “نحن منفتحون على الجميع، وماضون في فتح الباب أمام كل الأصوات، لأن الإعلام القوي لا ينبني إلا على تعددية حقيقية وبيئة حرة تحترم العقل وتحمي المهنة”.
وتوقف الوزير عند التحولات الرقمية العميقة التي يشهدها قطاع الإعلام، معتبراً أن الصحافة الإلكترونية وصحافة المواطن باتت واقعاً لا يمكن تجاهله، مما يستوجب سياسات واضحة وتنظيمات حديثة تتماشى مع هذه البيئة، وتحمي من الانفلات المعلوماتي دون المساس بحرية التعبير، وقال إن تطوير سياسة للإعلام الرقمي سيكون من أولويات المرحلة المقبلة، بالتوازي مع تشجيع الاستثمار في القطاع، وتوفير التدريب المهني للعاملين فيه، بما يسهم في رفع جودة المحتوى وتحقيق الاستدامة الإعلامية.
وفي ختام حديثه، جدد الإعيسر دعم وزارته الكامل للقوات المسلحة السودانية، مشيراً إلى أن الإعلام الرسمي والوطني سيظل يلعب دوراً في دعم ما وصفه بـ”معركة الكرامة” حتى تحقيق النصر الكامل، واستعادة كل شبر من الأراضي التي خرجت عن سيطرة الدولة، ورغم تأكيده على دعم الجيش، شدد على أن الإعلام يجب أن يحافظ على استقلاليته المهنية، ويعمل على توعية المواطنين وتمكينهم من اتخاذ قراراتهم بحرية، بعيداً عن التعبئة أو التجييش.
تأتي تصريحات وزير الإعلام في وقت يُطالب فيه الشارع السوداني بمزيد من الشفافية والانفتاح الإعلامي، وفي ظل بيئة إعلامية تشهد استقطاباً سياسياً حاداً وتحديات ميدانية كبيرة، خاصة مع توسع تأثير الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، ويُتوقع أن تفتح هذه الخطوة النقاش حول دور الإعلام في المرحلة الانتقالية، وما إذا كانت الحكومة ستفي بوعودها في تمكين الصحفيين وتعزيز حرية التعبير، أم أن القوانين الجديدة ستكون أداة إضافية للضبط والتوجيه.