قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) إن نقص التمويل أدى إلى تقليص حجم الاستجابة الإنسانية في السودان، مما أجبر الشركاء على خفض عدد المستهدفين من المساعدات من نحو 21 مليون شخص إلى 17.3 مليون، وكانت خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025 تهدف إلى تلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً في السودان بتمويل قدره 4.2 مليار دولار، إلا أن ما تم تلقيه حتى الآن بلغ نحو 552.2 مليون دولار فقط، أي ما يعادل 13.3% من المبلغ المطلوب.
وأوضح أوتشا أن خفض التمويل وتراجع مساهمات المانحين دفع إلى إعادة ترتيب الأولويات، ليقتصر الدعم على الأكثر احتياجاً ضمن المتضررين، مشيراً إلى أن توفير الحد الأدنى من المساعدات لـ 17.3 مليون شخص يتطلب 2.4 مليار دولار، بمعدل 0.38 دولار للفرد يومياً، وتشير التقديرات الإنسانية إلى أن أكثر من 30.4 مليون شخص ما يمثل 64% من سكان السودان بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية هذا العام، وذلك في ظل تدهور الخدمات والبنية التحتية وتضرر سبل العيش بسبب النزاع المستمر منذ أبريل 2023.
أشار البيان إلى أن تصاعد الهجمات بالطائرات المسيّرة في عدد من الولايات، بينها بورتسودان وكسلا وأم درمان والقضارف ونهر النيل والنيل الأبيض وشمال كردفان، أسفر عن أضرار كبيرة في البنية التحتية الحيوية، مثل محطات الطاقة ومنشآت المياه والاتصالات، وتسبب استهداف منشآت الطاقة في أم درمان بانقطاع واسع للكهرباء في ولاية الخرطوم، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على المستشفيات ومحطات ضخ المياه وشبكات الاتصالات، وفي الولاية الشمالية، أدى انقطاع الكهرباء إلى توقف مضخات المياه الزراعية، مما تسبب في تلف آلاف الهكتارات من محاصيل القمح والغذاء، كما ارتفعت أسعار المياه بشكل كبير في بعض المناطق، متجاوزة القدرة الشرائية للكثير من الأسر، لا سيما في ظل الانهيار الجزئي لخدمات التعليم والصحة نتيجة غياب الطاقة والإمدادات الأساسية، أعلنت الأمم المتحدة تعليق خدمة النقل الجوي من وإلى بورتسودان بعد تعرض مطار المدينة لهجوم جوي، وهو ما يمثل عقبة إضافية أمام عمليات الإغاثة، في وقت يعاني فيه ملايين المدنيين من انعدام الوصول المنتظم للمساعدات.
أجرت بعثة مشتركة من أوتشا ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الموئل، تقييماً ميدانياً في ولاية الجزيرة، خلص إلى أن معظم المجتمعات المحلية تعاني من نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية والتعليم، وذكرت البعثة أن ما يصل إلى 70% من سكان بعض المناطق نزحوا بسبب النزاع والنهب الواسع، وأن البنية التحتية في معظم القرى والمدن تعرضت لأضرار جسيمة، وقد وصلت المساعدات الغذائية إلى أقل من 20% من السكان المحتاجين، ما يزيد من خطر المجاعة، كما أُفيد بتوقف أكثر من 800 مرفق صحي عن العمل، وتعرض قطاع المياه والصرف الصحي لانهيار واسع، حيث تعطلت 90% من محطات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية، إلى جانب تدهور خدمات إدارة النفايات.
دعت الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية إلى توفير تمويل إضافي بشكل عاجل، لضمان استمرارية الاستجابة الإنسانية وتوسيع نطاق العمليات في المناطق المتأثرة، وأكدت أن استمرار العجز في التمويل وغياب الوصول الآمن قد يؤدي إلى تفاقم معاناة ملايين المدنيين في أنحاء السودان كافة، ويأتي ذلك وسط استمرار التوترات الأمنية، في وقت تسعى فيه الجهات الفاعلة إلى تحقيق تهدئة تُمكّن من تحسين الوصول الإنساني، مع تزايد الضغط على المجتمعات المضيفة ومحدودية الموارد في معظم الولايات المتأثرة.