في تطور جديد للصراع المستمر في السودان، أطلق نائب قائد قوات الدعم السريع، الفريق عبدالرحيم دقلو، تهديدات صريحة باجتياح الولاية الشمالية، مؤكداً أن قواته لا تزال تمتلك مخزونًا استراتيجياً من المقاتلين، مشيراً إلى أن أعدادهم قد تصل إلى مليون جندي، على حد تعبيره. وجاءت تصريحات دقلو في خطاب ألقاه أمام قواته، حيث أوضح أن قوات الدعم السريع كانت تخوض معارك في مناطق وصفها بأنها غير استراتيجية، لكنها الآن ستنتقل إلى مواقع أكثر حساسية وتأثيراً في المشهد العسكري السوداني ويعكس هذا التحول في خطاب القيادة العسكرية للدعم السريع محاولة لتوجيه أنظار الصراع نحو مناطق جديدة، ما قد يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق ميدانياً.
يأتي هذا التصعيد بعد يومين فقط من إعلان قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، انسحاب قواته من العاصمة الخرطوم، حيث أكد أن انسحابهم كان بهدف إعادة التموضع، وليس نتيجة للهزيمة العسكرية، مشدداً على أن الحرب لم تنتهِي بعد.
من جانبها، أعلنت القوات المسلحة السودانية، الخميس الماضي، استعادة السيطرة على الخرطوم وأجزاء واسعة من أم درمان، مؤكدة استمرار عملياتها العسكرية ضد قوات الدعم السريع في مختلف المناطق التي لا تزال تشهد اشتباكات متفرقة بين الطرفين. وتأتي تحركات الجيش الأخيرة وإعلانه عن تقدم في معارك الخرطوم يتناقض مع تصريحات قادة الدعم السريع الذين يؤكدون أن انسحابهم كان تكتيكياً. ومع تهديدات عبدالرحيم دقلو الأخيرة، يبدو أن الدعم السريع يسعى إلى فتح جبهة قتال جديدة في الشمال، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرة الجيش على تأمين المناطق المستقرة نسبياً، مثل الولاية الشمالية.
تهديدات الدعم السريع باجتياح الولاية الشمالية تحمل دلالات عدة، فهذه المنطقة تُعد ذات أهمية استراتيجية كبيرة بسبب قربها من الحدود المصرية، واحتوائها على طرق إمداد حيوية يمكن أن تؤثر على مسار الحرب. كما أن التصعيد الخطابي من قبل نائب قائد الدعم السريع قد يكون رسالة موجهة إلى الفاعلين الإقليميين والدوليين، في محاولة لكسب دعم أو فرض معادلة جديدة في أي مفاوضات مستقبلية. إلا أن مثل هذه التهديدات تزيد من المخاوف حول اتساع نطاق الحرب، وما قد ينتج عنها من تداعيات إنسانية خطيرة.
في ظل التصعيد المستمر، يبدو أن السودان مقبل على مرحلة جديدة من النزاع المسلح، حيث تسعى كل من القوات المسلحة السودانية والدعم السريع إلى فرض سيطرتها على أكبر عدد ممكن من المناطق قبل الدخول في أي عملية تفاوضية. وفي الوقت الذي يواصل فيه المجتمع الدولي دعواته للتهدئة، فإن تصريحات قادة الدعم السريع الأخيرة تؤكد أن المواجهات لن تتوقف قريباً، مما يزيد من تعقيد الأزمة ويجعل مستقبل البلاد أكثر غموضاً.