قالت كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، إن البلاد تمر بواحدة من أخطر الأزمات متعددة الأبعاد في تاريخها الحديث، حيث يشهد السودان انهياراً واسعاً في نظم الرعاية الصحية والخدمات الأساسية، إلى جانب تدهور حاد في البنية التحتية الخاصة بالمياه والصرف الصحي، وأضافت سلامي أن ملايين السودانيين يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة نتيجة غياب الخدمات، مشيرة إلى أن النظام الصحي بات غير قادر على تلبية الحد الأدنى من احتياجات المواطنين، في ظل دمار واسع لعدد من المرافق الصحية، ونقص حاد في الإمدادات الطبية والكوادر المؤهلة.
ورغم هذه التحديات الإنسانية المعقدة، أكدت المسؤولة الأممية أن الشعب السوداني لا يزال متمسكاً بالأمل، ويُبدي صموداً لافتاً في وجه الأزمة، وقالت إن العديد من الأسر تعيش في ظروف نزوح قسري، وتواجه صعوبات يومية في الحصول على الغذاء، مياه الشرب، والخدمات الأساسية، لكنها لا تزال تتطلع إلى العودة إلى ديارها واستعادة الحد الأدنى من الحياة الطبيعية.
واندلعت الحرب في السودان بتاريخ 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حيث انتشرت المواجهات في مختلف أنحاء البلاد، خاصة في العاصمة الخرطوم وولايات دارفور وكردفان، وأدت المعارك المستمرة إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، كما تسببت في تدمير واسع للبنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومرافق المياه، وتؤكد تقارير إنسانية أن معظم المؤسسات الصحية خارج الخدمة، أو تعمل بقدرات محدودة، فيما يعاني ملايين الأطفال من سوء التغذية، وتنتشر الأمراض المعدية في مخيمات النزوح.
وشددت سلامي على ضرورة تكثيف التدخل الدولي وتوسيع نطاق الدعم الإنساني للسودان، مؤكدة أن الأزمة تجاوزت قدرات الاستجابة المحلية، وتحتاج إلى تضامن عالمي واسع النطاق، ودعت إلى تنسيق الجهود بين الأمم المتحدة، المنظمات الإنسانية، والدول المانحة لتأمين المساعدات الطارئة، وتسهيل الوصول إلى المناطق المتأثرة، كما حذّرت من أن استمرار الوضع الحالي دون حلول جذرية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، ويُهدد بفقدان المزيد من الأرواح، في وقت يعيش فيه ملايين السودانيين على حافة الانهيار المعيشي والإنساني.
وتأتي تصريحات سلامي في وقت تتزايد فيه الدعوات من المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي شامل يضع حداً للنزاع المسلح ويُمهّد الطريق لبدء مرحلة إعادة الإعمار، واستعادة الخدمات الأساسية، وتهيئة الظروف لعودة النازحين، في بلد بات يشهد واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية على مستوى العالم.