في أول تعليق رسمي من أحد قادة القوى السياسية المسلحة في السودان على الاتهامات الأميركية الأخيرة، دعا مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، إلى فتح تحقيق شامل وشفاف حول ما وصفه بـ”المزاعم الخطيرة” بشأن استخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية ضد قوات الدعم السريع في خضم النزاع المستمر منذ أكثر من عامين، وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت مؤخراً أنها تمتلك معلومات تشير إلى استخدام محتمل لأسلحة كيميائية من قبل القوات المسلحة السودانية في بعض مناطق الاشتباك، ما أثار ردود فعل متباينة داخل البلاد وخارجها، وأعاد تسليط الضوء على خطورة الانتهاكات التي قد تحدث في سياق الحرب الأهلية الدائرة.
وأعرب مناوي عن تحفظه بشأن دقة الاتهامات الأميركية، مؤكداً في الوقت نفسه ضرورة عدم تجاهلها، وقال: “رغم أنني لا أثق تماماً في صحة هذه الادعاءات، إلا أن طبيعتها الخطيرة تستدعي تحقيقاً فورياً ومستقلاً للتثبت من الحقائق”، وأضاف أن غياب الشفافية في مثل هذه القضايا قد يؤدي إلى تصعيد خطير وخلط الأوراق على الأرض، وأكد مناوي أن أي مزاعم من هذا النوع لا ينبغي التعامل معها بردود فعل سياسية أو دفاعية فقط، بل يجب أن تخضع للمساءلة والتحقيق المهني النزيه لتحديد الوقائع، سواء لتأكيدها أو لنفيها بشكل قاطع.
وفي موقف لافت، حذّر مناوي من استغلال هذه الاتهامات كورقة ضغط دولية يمكن أن تفتح الباب أمام تدخلات خارجية في الشأن السوداني، وقال إن “هناك من يسعى لاستخدام هذه الادعاءات كذريعة لتوجيه دعم سياسي أو عسكري لطرف معين في النزاع، تحت غطاء حماية المدنيين أو فرض عقوبات إنسانية”، ووصف الوضع القائم بأنه “قابل للاشتعال” إذا لم يُحاط بالحذر والتروي، مشيراً إلى أن البلاد تمر بمرحلة حساسة تتطلب مسؤولية جماعية لتفادي الانزلاق نحو مزيد من الفوضى، وأضاف أن الاتهامات، سواء ثبتت صحتها أو لم تثبت، يجب ألا تُستخدم كأداة لتغذية الصراع أو لإعادة تشكيل موازين القوى بطريقة انتقائية.
دعا مناوي المجتمع الدولي إلى دعم آلية تحقيق محايدة بإشراف جهات مختصة ذات مصداقية، مثل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أو لجان تحقيق تابعة للأمم المتحدة، مشدداً على أن أي إجراءات دولية يجب أن تركز على وقف الحرب وضمان سلامة المدنيين، وليس الانحياز لطرف دون آخر، واختتم تصريحه بالتأكيد على أن “السودان لا يتحمل المزيد من التصعيد، ولا بد من تحرك سياسي جاد يعالج جذور الأزمة ويقود نحو سلام عادل وشامل”.
تأتي تصريحات مناوي في ظل تصاعد حدة القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في عدة ولايات، وسط تقارير متزايدة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من الطرفين، ووسط حالة إنسانية متردية تطال ملايين المدنيين المحاصرين بين خطوط النار، كما أن الاتهامات الأميركية باستخدام أسلحة محظورة تضيف بعداً جديداً للصراع، ما قد يضع السودان تحت ضغوط دبلوماسية وقانونية دولية إذا لم تُنفى أو تُثبت بوضوح، في وقت تعاني فيه البلاد من عزلة دولية متزايدة وصعوبات اقتصادية خانقة.