معارك الخرطوم: انهيار الدعم السريع أم انسحاب تكتيكي؟

3 Min Read

دخلت الحرب السودانية مرحلة جديدة مع تحقيق الجيش السوداني انتصارات متسارعة، خاصة في وسط البلاد، مما أدى إلى تراجع قوات الدعم السريع بوتيرة ملحوظة. بدأت هذه التطورات بالانسحاب من مدينة ود مدني، تلاها استعادة الجيش لمقر قيادته العامة ومناطق استراتيجية في الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري. هذا التراجع السريع أثار تساؤلات حول ما إذا كانت قوات الدعم السريع تواجه انهيارًا عسكريًا، أم أن ما يحدث هو جزء من اتفاق غير معلن يهدف لتحسين موقف الجيش التفاوضي. كما طُرحت احتمالات أخرى، مثل أن يكون التراجع خطوة تكتيكية لتقليل الخسائر أمام الجيش، الذي عزز قواته وجدد تسليحه.

بدأت عمليات الجيش باستعادة جبل موية، وهو موقع استراتيجي يربط بين ولايات النيل الأبيض وسنار والجزيرة في أكتوبر الماضي. بعد ذلك، تحركت القوات لاستعادة ود مدني، التي دخلها الجيش في 11 يناير دون قتال يُذكر، بينما ادعت قوات الدعم السريع أنها انسحبت طوعًا، في حين أكد الجيش أنه دخلها بالقوة. حيث أدت استعادة ود مدني إلى تسريع العمليات في الخرطوم بحري، إذ أعلن الجيش السبت الماضي عن وصوله إلى مقر القيادة العامة وفك الحصار عنها، حيث ظهر القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في مقاطع فيديو وهو يخاطب جنوده داخل القيادة. لكن الدعم السريع نفى هذه الادعاءات، مؤكدًا أن القوات التي دخلت كانت محدودة، وأن الجيش لم يحقق اختراقًا حقيقيًا.

مع استمرار تضارب المعلومات بين الطرفين، يرى محللون أن ما يجري هو مجرد “عمليات كرّ وفرّ” لن تحسم الحرب، إذ قال اللواء المتقاعد كمال إسماعيل إن الحرب لن تنتهي إلا عبر تفاوض يؤدي إلى الفصل بين القوات. كما أشار إلى أن انتشار السلاح والمجموعات المسلحة ذات الدوافع الانتقامية يزيد من تعقيد الوضع. ومن جهته، استبعد المحلل السياسي محمد لطيف فرضية انهيار الدعم السريع، معتبرًا أن التراجع العسكري لا يعني الهزيمة، خاصة أن الدعم السريع لا يزال يسيطر على مناطق واسعة في السودان. كما أشار إلى احتمالية وجود “اتفاق غير معلن” بين الطرفين لتنظيم الانسحابات، خاصة مع غياب الحملات الإعلامية التي تصاحب عادة السيطرة العسكرية على مواقع جديدة.

ويرجح لطيف أن يكون الدعم السريع يعيد تموضعه لتفادي انتشار قواته على مساحات واسعة، مما يسهل تحركاته ويقلل من خسائره، ما يعني أن الصراع قد يستمر لفترة طويلة ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.

Share This Article