أعلنت السلطات المصرية عن قرار رسمي جديد يقضي بتخفيض رسوم تصاريح العمل للسودانيين المقيمين في مصر، في خطوة وُصفت بأنها تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية وإنسانية، وتأتي في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها السودان منذ اندلاع الحرب في عام 2023.
القرار الجديد، الذي نُوقش خلال لقاء جمع وزير الموارد البشرية والرعاية الاجتماعية السوداني معتصم أحمد صالح بنظيره المصري محمد جبران، رئيس مجلس إدارة منظمة العمل العربية، على هامش اجتماعات مجلس إدارتها في القاهرة يومي 11 و12 أكتوبر الجاري، يمثل تحولًا في سياسة دعم العمالة الوافدة من الدول العربية الشقيقة، وعلى رأسها السودان.
بموجب القرار، تم تحديد رسوم تصاريح العمل للسودانيين المقيمين في مصر عند 3000 جنيه مصري، بينما تم خفض رسوم العمالة المنزلية إلى 2500 جنيه فقط.
ويُتوقع أن ينعكس هذا التعديل إيجابًا على أوضاع آلاف السودانيين المقيمين في مصر، عبر تسهيل الإجراءات القانونية للعمل والتنقل، وتحسين البيئة المعيشية لهم، خاصة في ظل النزوح الواسع وتراجع فرص العمل داخل السودان.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل مبادرة تضامنية عملية من القاهرة تجاه الجالية السودانية، وتعكس رغبة مصر في تعزيز العلاقات الثنائية، وترسيخ التعاون العربي في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية.
وفي سياق موازي، أعلن الوزير المصري محمد جبران عن إطلاق برامج تدريبية مشتركة مع الجانب السوداني تشمل مجالات السلامة المهنية، والتفتيش العمالي، والتأهيل الفني، إلى جانب إعادة تأهيل مراكز التدريب السودانية المتضررة من الحرب.
ومن المقرر أن تُنفذ هذه البرامج في القاهرة وعدد من المدن السودانية، ضمن خطة تعاون فني موسعة تهدف إلى بناء القدرات وتعزيز كفاءة الكوادر السودانية استعدادًا لسوق العمل المحلي والإقليمي.
وأكد جبران أن وزارته حريصة على تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين، مشيرًا إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب مزيدًا من التنسيق والتكامل العربي في قضايا التشغيل والتدريب الفني لضمان استجابة فعالة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.
من جانبه، عبّر الوزير السوداني معتصم أحمد صالح عن تقديره للموقف المصري، واصفًا القرار بأنه تعبير عن روح الأخوة والاحترام المتبادل بين الشعبين، ومؤشر على عمق العلاقات التاريخية بين الخرطوم والقاهرة.
وأكد الوزير أن تسهيل إجراءات العمل للسودانيين في مصر يساهم في تخفيف الضغوط المعيشية على الجالية السودانية، ودعا إلى توسيع نطاق التعاون الفني والمهني لمواجهة تداعيات الحرب والنزوح، وتعزيز فرص التشغيل في الداخل والخارج.
يرى محللون أن القرار المصري يعكس مقاربة إنسانية واقتصادية متكاملة، تهدف إلى دعم الفئات المتأثرة بالأزمات الإقليمية من خلال تسهيل الإقامة والعمل وتوفير بيئة قانونية مستقرة.
كما يُتوقع أن يساهم القرار في تحسين أوضاع الجالية السودانية التي تُعد من أكبر الجاليات الإفريقية في مصر، وتعزيز التعاون المؤسسي بين القاهرة والخرطوم في مجالات العمل والتدريب والتنمية البشرية.
يُنظر إلى القرار كخطوة عملية ضمن سياسة مصرية أوسع تسعى إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي عبر دعم الدول المتأثرة بالنزاعات.
ويؤكد محللون أن هذه الإجراءات تمثل نموذجًا للتفاعل الإيجابي بين الدول العربية في مواجهة الأزمات، وتُظهر التزام القاهرة بتبني سياسات إنسانية واقعية تدعم المجتمعات المتضررة وتفتح آفاق تعاون مستدام بين الشعبين المصري والسوداني.