اعتبر رئيس حزب الأمة، مبارك الفاضل، أن التعديلات التي أُدخلت على الوثيقة الدستورية في فبراير 2025 من قبل مجلس السيادة الانتقالي، قد غيّرت بشكل جوهري طبيعة الحكم في السودان، ووسّعت من صلاحيات المكوّن العسكري على حساب الحكومة المدنية، مما انعكس على توازن السلطات داخل الدولة، أشار الفاضل إلى أن هذه التعديلات التي جرت بمبادرة من رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وأعضاء المجلس العسكري، نقلت مجلس السيادة من مؤسسة ذات طابع تشريفي ورمزي إلى كيان تنفيذي بامتياز، من خلال منحه صلاحيات مباشرة لتعيين وإعفاء رئيس الوزراء والولاة والوزراء، وهو ما يُعد، بحسب وصفه، تحولاً فعلياً نحو نظام رئاسي مركزي تهيمن عليه المؤسسة العسكرية.
وأضاف الفاضل أن التعديلات الأخيرة قد جرّدت مجلس الوزراء من صلاحياته الدستورية، وحوّلته إلى مجرد أداة تنفيذية تابعة لقرارات مجلس السيادة، مما أفقد منصب رئيس الوزراء الكثير من تأثيره السياسي، وأضعف من قدرته على تنفيذ برنامج حكومي مستقل، أو ممارسة سلطاته التنفيذية بحرية، ورأى أن تعيين رئيس وزراء مدني في ظل هذه المعادلة لا يُمثّل تغييراً جوهرياً في مسار السلطة، بل هو إجراء شكلي لا يعكس تحولاً فعلياً نحو الحكم المدني، في ظل استمرار تركيز القرار السياسي والتنفيذي بيد المكوّن العسكري.
وحذر الفاضل من أن التوجه الحالي يعمّق من أزمة المشهد السياسي، خاصة في ظل استمرار الحرب، وتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في العديد من الولايات، وأشار إلى أن السودان بحاجة ماسة إلى معالجة جذرية للاختلالات الدستورية، وضمان توزيع عادل للسلطة بين المؤسسات، بما يكفل قيام نظام مدني ديمقراطي قادر على الاستجابة لمطالب الشارع السوداني، وأكد أن الأزمة الحالية لا يمكن حلّها عبر التعيينات وحدها، بل تتطلب إصلاحات دستورية شاملة تُعيد الاعتبار لمبدأ الفصل بين السلطات، وتُعزّز من دور المؤسسات المدنية في إدارة الدولة.
وفي ختام تصريحاته، دعا مبارك الفاضل إلى فتح حوار وطني واسع يضم جميع الأطراف السودانية، لمراجعة التعديلات الأخيرة في الوثيقة الدستورية، والتوافق على ترتيبات انتقالية جديدة تضمن مشاركة حقيقية للقوى المدنية، وتحدّ من الهيمنة العسكرية على مفاصل الدولة، وشدد على أن الطريق نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي يبدأ من إصلاح منظومة الحكم وبناء مؤسسات ديمقراطية تستند إلى الشرعية الشعبية والتوافق الوطني، بعيداً عن الإقصاء أو فرض الأمر الواقع.