مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث، وفي ظل أوضاع إنسانية وحقوقية مأساوية، استضافت العاصمة البريطانية لندن، مؤتمراً دولياً تناول الأزمة السودانية، بمشاركة من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحادين الأوروبي والأفريقي، إلى جانب ممثلين من 14 دولة ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ورغم التوقعات المرتفعة، اتسم المؤتمر بغياب البيان الختامي المشترك، نتيجة تباين المواقف بين بعض الدول المشاركة، ما دفع الجهات المنظمة لإصدار بيان منفرد تضمّن الدعوة إلى وقف فوري للقتال، والتأكيد على دعم المسار المدني والسياسي، ورفض تشكيل حكومات موازية أو أي محاولات لتقسيم السودان.
وصف بعض المحللين المؤتمر بأنه لم يحقق تقدماً سياسياً واضحاً، فيما اعتبر آخرون أن مجرد عقده يمثل تحركاً إيجابياً في ظل ما يصفه كثيرون بـ”الحرب المنسية”. كما أشار الوزير السوداني السابق خالد عمر يوسف، إلى أن المؤتمر نجح في تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية وتعزيز التنسيق الدولي، مشيداً بالتعهدات المالية التي بلغت نحو 800 مليون دولار لتلبية الاحتياجات العاجلة للسودانيين المتضررين، على الرغم من هذا الدعم الإنساني، أقر خالد عمر يوسف بصعوبة التوصل إلى توافق سياسي دولي، مؤكداً أن تباين الرؤى يعكس تعقيدات الأزمة السودانية، لكنه أشار إلى أن المؤتمر قد يشكّل منصة مهمة في بناء زخم دولي متدرج لحل الأزمة، داعياً إلى استمرار الضغط السياسي والدبلوماسي وصولاً إلى حل شامل.
في كلمته أمام المؤتمر، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن الصراع “مزّق حياة ملايين السودانيين” وإن هناك تراجعاً في الاهتمام الدولي، كما أشار إلى أن استمرار الحرب يهدد الاستقرار الإقليمي ويُعزز موجات النزوح، داعياً إلى إنهاء الصراع ودعم مسار سياسي مدني، ومن جهته، أكد نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي على أهمية وقف التدخلات الخارجية في السودان، وفتح المجال أمام المساعدات الإنسانية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان وسلامة مؤسساته، ومثمناً الجهود لتيسير الإغاثة عبر معبر “أدري” الحدودي.
رغم أن المؤتمر لم يفضِ إلى خارطة طريق سياسية واضحة، يرى بعض المراقبين أن النداء الإنساني الذي أُطلق قد يكون بداية لتحرك دولي أكبر نحو الاستقرار، خاصة إذا تم تحويل هذه التعهدات إلى خطوات ملموسة على الأرض، وفي النهاية تبقى آمال السودانيين معلقة على أن يُشكّل هذا المؤتمر نقطة تحول تفتح الباب أمام وقف الحرب واستئناف عملية سياسية يقودها السودانيون أنفسهم، بعيداً عن الإملاءات الخارجية، نحو سودان مستقر يعمّه السلام.