كارثة صحية متفاقمة: الكوليرا تواصل حصد الأرواح في السودان وسط عجز رسمي وتدهور في الخدمات

3 Min Read

تواجه ولايات السودان المختلفة واحدة من أسوأ الكوارث الصحية منذ عقود، مع تصاعد وباء الكوليرا بوتيرة مفزعة، وغياب شبه تام لاستجابة حكومية فعالة، في وقت تنهار فيه الخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي في عدد من المناطق الحيوية، وأعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في بيان جديد، أن المرض لم يعد مجرد تهديد صحي بل تحول إلى وباء قاتل يحصد أرواح المئات، في ظل ضعف خطط الطوارئ وتخلي السلطات عن دورها في حماية حياة المواطنين.

وبحسب البيان، سجلت ولاية الخرطوم وحدها 346 حالة وفاة نتيجة الإصابة بالكوليرا، بينما سجلت أم درمان أكثر من 500 حالة وفاة، مع 1,335 إصابة مؤكدة، في وقت تواجه فيه المستشفيات والمراكز الصحية في المدينة نقصاً حاداً في المحاليل الوريدية والأدوية الأساسية، وسط عجز عن استقبال الأعداد المتزايدة من المرضى.

ولا يقتصر تفشي الوباء على الخرطوم وأم درمان فحسب، بل امتد إلى ولايات أخرى، حيث تم تسجيل 57 وفاة في شمال كردفان، و45 في الجزيرة، و33 في نهر النيل، و30 في الولاية الشمالية، ما يعكس الانتشار السريع وغير المسيطر عليه للمرض في كافة أرجاء البلاد، وتُظهر تقارير عن النقابة ومنظمات إنسانية أن أسباب الانتشار الكارثي تعود إلى الانهيار شبه الكامل في خدمات المياه النظيفة والصرف الصحي، نتيجة الحرب والانقطاعات المتكررة للكهرباء، إضافة إلى تدهور البنية التحتية للمستشفيات وغياب الدعم اللوجستي الكافي للكوادر الصحية.

وأوضحت اللجنة أن العديد من المواطنين باتوا مضطرين لجمع المياه من مصادر مكشوفة ومُلوثة، في ظل توقف العديد من محطات الضخ وتعطّل شبكات الإمداد، ما زاد من خطر العدوى، خاصة في أحياء الخرطوم المكتظة ومواقع النزوح الكبرى، ويأتي هذا التدهور بينما تغيب الحملات الوقائية والتوعوية، ولا تزال إجراءات الحكومة السودانية تتسم بالبطء وعدم التنسيق، رغم تحذيرات متكررة من منظمة الصحة العالمية واليونيسف حول خطورة الموقف.

وتدعو نقابة الأطباء إلى تدخل دولي عاجل لإنقاذ الوضع الصحي والحد من الانهيار الكامل للنظام الصحي، مطالبة، المنظمات الأممية بتوفير المساعدات الطبية العاجلة، والمساهمة في تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي، وإرسال فرق طبية ميدانية إلى المناطق المنكوبة، وفي ظل هذه الأوضاع، يبقى المواطن السوداني وحده في مواجهة وباء قاتل، تتداخل فيه العوامل الصحية والسياسية والإنسانية، ليجسد صورة مؤلمة عن معاناة شعب تركته الحرب والأزمات في مهب الموت الصامت.

Share This Article