أكدت حكومة ولاية الجزيرة التزامها التام بعدم حرمان أي طالب أو طالبة من الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية بسبب الرسوم، في خطوة اعتُبرت إنسانية ومهمة في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة التي يعيشها السودان نتيجة الحرب، وجاء ذلك خلال اجتماع مجلس حكومة الولاية، الذي ترأسه والي الولاية الأستاذ الطاهر إبراهيم الخير، حيث شدد على ضرورة ضمان الحق في التعليم لكل الطلاب، دون أن يكون العامل المادي عائقاً أمام مستقبلهم، خاصة في هذه المرحلة الحرجة من عمر البلاد.
وأشار الوالي إلى أن حكومته تعمل على معالجة أوضاع الطلاب الذين دفعوا رسوم امتحانات العام الماضي ولم يتمكنوا من أدائها بسبب اندلاع الحرب، مؤكداً أن الدعم سيشمل أيضاً أكثر من 6,000 طالب معسر تم رصدهم هذا العام من قبل وزارة التربية والتعليم، وأعلن الأستاذ عبد الله أبو الكرام، المدير العام لوزارة التربية والتعليم، أن عدد الطلاب الممتحنين هذا العام بلغ 28,342 طالباً وطالبة، موزعين على 792 مركزاً امتحانياً في أنحاء الولاية، مشيراً إلى أن رسوم الامتحان تبلغ 76 ألف جنيه، ما يشكل عبئاً كبيراً على كثير من الأسر في ظل الانهيار الاقتصادي.
لم يكن الملف التعليمي وحده حاضراً في اجتماع حكومة الولاية، إذ قدم المهندس أبو بكر عبد الله، المدير العام لوزارة التخطيط العمراني والمرافق العامة، تنويراً شاملاً حول الجهود المبذولة لتطهير المصارف وإزالة الأنقاض، بالإضافة إلى حصر مناطق الهشاشة التي تتطلب تدخلات عاجلة استعداداً لفصل الخريف، وتهدف هذه التدابير إلى تفادي الأضرار المتكررة سنوياً نتيجة السيول والفيضانات، خصوصاً في القرى والمناطق الطرفية التي تُعد الأكثر تضرراً بسبب ضعف البنية التحتية.
في القطاع الزراعي، استعرضت الدكتورة عرفة محمود، المدير العام لوزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية، خطة الموسم المطري، معلنة اكتمال تحديد المساحات المستهدفة للزراعة، مع تأكيد توفير الوقود والتقاوي بالتنسيق مع وزارة الزراعة الاتحادية والمنظمات المعنية، كما دعت إلى الإسراع في معالجة مشاكل الكهرباء التي تؤثر على الري، وتوفير الآليات اللازمة لدعم صغار المزارعين الذين يعانون من تبعات الحرب وضعف التمويل.
في الإطار ذاته، طرح وزير المالية والاقتصاد والقوى العاملة، الأستاذ عاطف محمد إبراهيم أبو شوك، مقترحاً بإنشاء محفظة تمويل خاصة بالموسم الزراعي المطري، مع دعوة وزارة الري لفتح السيفونات وتحديث الدراسات الهندسية في مناطق الهدام، التي تُعد من أبرز التحديات الميدانية التي تواجه الولاية سنوياً خلال فصل الخريف.
تعكس هذه الحزمة من القرارات والاجتماعات رؤية متكاملة لحكومة ولاية الجزيرة، تسعى من خلالها إلى تحقيق التوازن بين الاستجابة الفورية للاحتياجات الملحة، مثل التعليم والغذاء، والاستعداد الاستراتيجي للمواسم القادمة، لا سيما الموسم الزراعي والخريف، وفي ظل استمرار النزوح والتحديات الاقتصادية، يُنظر إلى قرار منع حرمان الطلاب من الجلوس للامتحانات كخطوة رمزية وعملية تحمل في طيّاتها رسالة دعم للأسر السودانية، وتؤكد على التزام الدولة بدورها في حماية الحق في التعليم، باعتباره أداة رئيسية للنهوض من تبعات الحرب وبناء المستقبل.