فيصل محمد صالح يكتب : عامان من حرب السودان لم ينجح أحد

3 Min Read

في مايو 2023، كنت قد كتبت مقالاً بعنوان: “حرب السودان: من يخسر أكثر؟”، واليوم، وبعد مرور عامين على اندلاع النزاع، تبدو الصورة أكثر وضوحاً من حيث النتائج الإنسانية والمادية المؤلمة التي طالت جميع الأطراف والمناطق، دون أن تلوح في الأفق مؤشرات حقيقية لحسم عسكري أو حل سياسي مستدام، الحرب تسببت في خسائر بشرية كبيرة، حيث فقد الآلاف من السودانيين أرواحهم من مختلف الولايات والبيئات والمهن، سواء في صفوف القوات النظامية أو المدنية.، كما أدت المعارك إلى نزوح الملايين من مساكنهم، إلى ولايات أخرى أو خارج حدود البلاد، في حين تعرضت البنى التحتية الأساسية مثل المستشفيات والمدارس والمطارات والطرق إلى دمار واسع النطاق، ورغم عدم وجود تقديرات رسمية دقيقة لحجم الخسائر المادية، إلا أن المؤشرات تشير إلى أضرار بمليارات الدولارات.

إلى جانب الخسائر المادية والبشرية، طالت الحرب النسيج الاجتماعي والمجتمعي، حيث تصاعدت حدة الاستقطاب والانقسامات، وانتشرت مظاهر خطاب الكراهية على أسس عرقية وجهوية وقبلية، ما أدى إلى توترات واسعة بين مكونات المجتمع السوداني، في هذا السياق، شهدت الحرب انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، حيث سجلت منظمات حقوقية وتقارير إعلامية حالات استهداف للمدنيين ووقائع تصفية ميدانية وأعمال عنف ضد النساء والأطفال، وفي المقابل، حملت بعض الأطراف المتصارعة المسؤولية لبعضها البعض، معتبرة أن هذه الانتهاكات جزء من طبيعة الحرب الدائرة، مؤخرًا تعرض معسكر “زمزم” للنازحين في ضواحي الفاشر لهجوم أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، من بينهم الطبيبة هنادي النور، التي اختارت البقاء لخدمة سكان المنطقة رغم المخاطر الأمنية، وأثارت الحادثة ردود فعل متباينة، حيث رأى البعض فيها رمزاً إنسانياً، بينما نظر آخرون إليها من زاوية سياسية.

تعيش مدينة الفاشر منذ أشهر في ظروف إنسانية صعبة، مع استمرار حصارها ووقوعها في مرمى نيران متبادلة بين قوات الدعم السريع من جهة، والقوات المشتركة المتمركزة داخل المدينة إلى جانب وحدات من الجيش السوداني، ووفقاً لتقارير أممية ومنظمات إغاثية، فإن الأوضاع الإنسانية هناك توصف بالحرجة، وكان من الممكن أن تتجنب المدينة هذا الوضع لو التزمت بعض الأطراف المسلحة الحياد الذي أعلنت عنه في وقت سابق، ومع دخولها الحرب، زادت حدة النزاع، ولم تشهد المدينة منذ ذلك الوقت استقرار يذكر، وبعد عامين من الحرب، تبدو المحصلة خسائر فادحة لجميع الأطراف، دون مكاسب واضحة، مع تراجع في القيم المجتمعية والإنسانية، وانتشار مظاهر العنف اللفظي والميداني، سواء في الواقع أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتقف الأطراف السودانية المختلفة اليوم أمام واقع شديد التعقيد، يتطلب وقفة جادة لإعادة تقييم مسار الصراع وآثاره على المجتمع والدولة، والبحث عن مخرج سياسي يعيد للسودان استقراره، ويحفظ حياة المدنيين وكرامتهم.

Share This Article