نفّذ سلاح الجو السوداني سلسلة من الغارات الجوية المكثفة على مواقع تابعة لقوات الدعم السريع داخل مدينة النهود بولاية غرب كردفان، في تصعيد عسكري جديد يعكس تحوّلًا في تكتيكات الجيش السوداني لاستعادة السيطرة على المناطق الاستراتيجية في غرب البلاد.
وبحسب مصادر عسكرية وميدانية مطلعة، فإن الغارات استهدفت مواقع تمركز وآليات قتالية تتبع لقوات الدعم السريع، وأسفرت عن تدمير عدد من العربات العسكرية بالكامل وسقوط قتلى وجرحى في صفوف القوات المستهدفة. وأشارت المصادر إلى أن العملية تأتي ضمن حملة جوية مستمرة منذ أشهر، تستهدف مناطق تُستخدم كقواعد للتموين والانطلاق مثل النهود، الخوي، الحمادي، والدبيبيات.
وأكدت مصادر محلية أن الضربات كانت دقيقة ومركّزة، واستهدفت ارتكازات رئيسية داخل المدينة، في ما يبدو أنه تمهيد لعملية برية محتملة تهدف إلى تفكيك البنية العسكرية للدعم السريع داخل النهود واستعادة السيطرة عليها. ويأتي هذا التصعيد في ظل محاولات الجيش السوداني لاستعادة زمام المبادرة الميدانية في ولايات كردفان التي تشهد منذ أشهر تمدداً واضحاً لقوات الدعم السريع.
عقب الغارات الجوية، أقدمت قوات الدعم السريع على إغلاق سوق مدينة النهود بالكامل، وفقاً لشهود عيان، في خطوة وُصفت بأنها إجراء احترازي يعكس حالة من الارتباك والقلق داخل صفوفها. ويُعتقد أن الهدف من الإغلاق هو تقييد حركة المدنيين والحد من أي محاولات رصد أو تنسيق قد تُستغل ضد القوات المتمركزة في المدينة.
ورغم الطابع العسكري للعمليات، أعربت مصادر محلية عن مخاوف متزايدة من تأثير الغارات على الأوضاع الإنسانية، نظرًا لأن النهود تُعد مركزًا تجاريًا حيويًا يربط بين ولايات كردفان ودارفور، ويعتمد عليه آلاف المدنيين في أنشطتهم المعيشية اليومية.
تعود سيطرة قوات الدعم السريع على النهود إلى الثاني من مايو 2025، حين دخلت المدينة بعد معارك قصيرة أجبرت الجيش السوداني على الانسحاب إلى الخوي ثم الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان. ومنذ ذلك الحين، تحولت المدينة إلى نقطة ارتكاز رئيسية لقوات الدعم السريع لإدارة عملياتها في الإقليم، مستفيدة من موقعها الحيوي عند ملتقى طرق يربط بين دارفور وكردفان.
وتعتبر النهود، بحسب المراقبين، واحدة من آخر المعاقل الغربية المهمة للدعم السريع، واستعادتها تمثل مكسبًا استراتيجيًا للجيش السوداني في مسعاه لإعادة فرض السيطرة على غرب البلاد.
حتى الآن، لم تُصدر قوات الدعم السريع أي بيان رسمي بشأن الخسائر أو ردها المحتمل على الغارات الجوية. لكن وتيرة العمليات تشير إلى تصعيد متبادل متوقع في الأيام المقبلة، في ظل تزايد التحركات العسكرية للجيش السوداني غربًا، ومحاولات الطرفين تعزيز مواقعهم قبل حلول موسم الأمطار القادم الذي قد يعيق العمليات الميدانية.
وتبقى مدينة النهود اليوم مسرحًا لمعارك متقطعة وغارات جوية متكررة، في مشهد يعكس عمق الانقسام العسكري وتعدد جبهات الصراع في السودان، وسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع الإنسانية مع استمرار المعارك دون أفق واضح للحل.