عودة تدريجية للتيار الكهربائي في الخرطوم بعد انقطاع استمر 11 يوماً

4 Min Read

بدأت العاصمة السودانية الخرطوم تشهد عودة تدريجية للتيار الكهربائي بعد انقطاع دام 11 يوماً، في واحدة من أطول فترات انقطاع الخدمة منذ اندلاع النزاع المسلح في البلاد، وتُعد هذه العودة المحدودة بارقة أمل وسط أزمات متداخلة يعيشها سكان العاصمة الذين عانوا من انعدام الكهرباء، وتوقف الخدمات الحيوية، وشلل الحياة اليومية، فقد عادت الكهرباء بشكل متقطع إلى عدد من الأحياء في أم درمان والخرطوم بحري وشرق النيل، فيما لا تزال مناطق واسعة تعاني من انقطاع كامل، وسط غياب جدول زمني رسمي يوضح خارطة إعادة الخدمة بشكل شامل.

أدى النزاع المستمر منذ أبريل 2023 إلى تدمير واسع في البنية التحتية لقطاع الكهرباء، بما في ذلك محطات التوليد وخطوط النقل الرئيسية، بالإضافة إلى مراكز التحكم التي أصبحت خارج الخدمة بسبب المعارك أو بسبب صعوبات الوصول إليها.

ويواجه قطاع الكهرباء في السودان ضغطاً غير مسبوق نتيجة لعدة عوامل متراكبة، أبرزها:

  • أعطال ميكانيكية في محطات التوليد الحراري.
  • نقص حاد في الوقود بسبب تعطل سلاسل الإمداد والنقل.
  • تعرض كابلات النقل للسرقة والتخريب في مناطق النزاع.
  • تراجع التنسيق المؤسسي بين الجهات المشغّلة والمؤسسات الأمنية.

كل هذه الأسباب ساهمت في إطالة أمد الانقطاع، وأعاقت عمليات الإصلاح التي كان من الممكن تنفيذها في ظروف طبيعية خلال فترة أقصر، وأدى غياب الكهرباء لأكثر من عشرة أيام إلى مضاعفة المعاناة الإنسانية في العاصمة، حيث توقفت المضخات التي توصل المياه إلى الأحياء، وتعطلت شبكات الاتصالات والإنترنت، في وقت تعتمد فيه المستشفيات والمراكز الصحية على الكهرباء لتشغيل الأجهزة الطبية وحفظ الأدوية.

كما تكبد أصحاب المحلات التجارية والأسواق خسائر فادحة نتيجة فساد السلع المبردة، وتوقف الأعمال المرتبطة بالطاقة مثل المخابز والمطاعم وورش الإصلاح، ومع غياب البدائل الفعالة، اضطر كثيرون للاعتماد على مولدات كهرباء صغيرة باهظة الكلفة وغير متوفرة على نطاق واسع.

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر الجهات المختصة أي بيان رسمي يشرح أسباب الانقطاع الطويل أو خطة إعادة التيار إلى كامل العاصمة، ما زاد من حالة الترقب وعدم اليقين لدى السكان، ودفع البعض للمطالبة بمحاسبة الجهات المسؤولة عن الفشل في إدارة الأزمة، كما تزايدت الدعوات لإطلاق تحقيق فني مستقل لتحديد الخلل في إدارة الشبكة القومية، مع توفير حماية عاجلة للبنية التحتية الحيوية لمنع تكرار مثل هذه الأزمات في المستقبل، يرى مراقبون أن معالجة أزمة الكهرباء في الخرطوم لا تتطلب فقط إصلاحات فنية، بل خطة إنقاذ شاملة تشارك فيها الحكومة والقطاع الخاص والشركاء الدوليون. وتشمل هذه الخطة:

  • تأهيل محطات التوليد المتوقفة عن العمل.
  • إعادة بناء شبكات النقل المتضررة.
  • توفير الوقود والخبرات الفنية اللازمة للصيانة.
  • وضع آليات استجابة طارئة في المناطق ذات الأولوية.

كما ينبغي تعزيز الشفافية في ملف الطاقة، وربط السكان بمعلومات دقيقة حول الخدمة، بما يعيد بناء الثقة بين الدولة والمواطن، في ظل الظرف الحرج الذي تمر به البلاد، لا تمثل عودة التيار الكهربائي مجرد استعادة لخدمة فنية، بل اختباراً لمدى قدرة الدولة على إعادة الحياة تدريجياً إلى مسارها، وسط حرب عطلت المؤسسات، وأثقلت كاهل الناس بموجات من الانهيار الإنساني والخدمي، ويبقى السؤال الأهم: هل ستُستثمر هذه العودة الجزئية في انطلاقة نحو استقرار أوسع أم أنها مجرد هدنة مؤقتة في ظلام طويل؟.

Share This Article