شهدت سوق العملات الأجنبية في السودان اليوم الخميس تغيرًا محدودًا في أسعار عدد من العملات، حيث سجل كل من اليورو والجنيه المصري والجنيه الإسترليني والريال القطري تراجعًا طفيفًا مقارنة بتعاملات يوم الأربعاء، بعد موجة من الارتفاعات القياسية خلال الأسابيع الماضية. ويأتي هذا التراجع في إطار حركة تصحيحية مرتبطة بارتفاع الدولار عالميًا، الذي عزز مكانته كعملة ملاذ آمن وسط اضطرابات اقتصادية وجيوسياسية متصاعدة.
واصل الدولار الأمريكي ارتفاعه في السوق الموازي السوداني، حيث بلغ سعر البيع 3,580 جنيهًا مقابل 3,500 جنيه للشراء، ويمثل هذا السعر قفزة تاريخية مقارنة بمطلع الحرب في أبريل 2023، حينما كان سعر الدولار عند حدود 560 جنيهًا فقط، أي بزيادة تقارب 539% خلال 17 شهرًا من النزاع.
رغم التراجع الطفيف لبعض العملات، فإن أسعار البيع ما زالت عند مستوياتها التاريخية المرتفعة. فقد سجل اليورو 4,211.76 جنيهًا للبيع، والجنيه الإسترليني 4,837.83 جنيهًا، في حين بلغ الدرهم الإماراتي 986.22 جنيهًا، والريال السعودي 954.66 جنيهًا، والريال القطري 980.82 جنيهًا، والجنيه المصري 74.30 جنيهًا. أما أسعار الشراء فقد شهدت انخفاضًا نسبيًا، إذ بلغ اليورو 4,117.64 جنيهًا، والجنيه الإسترليني 4,729.72 جنيهًا، والجنيه المصري 72.64 جنيهًا، بينما ظلت العملات الخليجية الأخرى مثل الدينار الكويتي والدينار البحريني والريال العماني عند مستويات تفوق 9,000 جنيه في بعض الحالات.
يُرجع خبراء الاقتصاد التدهور المستمر للجنيه السوداني إلى تداعيات الحرب منذ أبريل 2023، والتي أضعفت الاقتصاد بشكل كبير. ومن أبرز الأسباب: توقف الإنتاج الزراعي والتعديني، تراجع الصادرات والدخل القومي، زيادة الاعتماد على الواردات، تفاقم العجز التجاري، تهريب الأموال إلى الخارج، نقص احتياطيات النقد الأجنبي، وارتفاع الطلب على الدولار في السوق الموازي.
كما أشارت تقارير اقتصادية إلى أن تخصيص نسبة كبيرة من ميزانية الدولة لدعم الجيش واستيراد الوقود قلّص من الإنفاق على القطاعات الإنتاجية والخدمية، مما زاد من هشاشة الاقتصاد الوطني.
يحذر خبراء من أن استمرار الأوضاع الراهنة قد يدفع الدولار إلى تجاوز حاجز 5,000 جنيه خلال العام المقبل، في حال لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية توقف الحرب وتعيد الاستقرار. وتشير تقارير دولية – من بينها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي – إلى أن الاقتصاد السوداني يواجه خطر الانهيار الكامل، مع استمرار تراجع الإيرادات الضريبية والجمركية، توقف تحويلات المغتربين، وارتفاع معدلات التضخم والفقر.

