شهدت أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني استقراراً نسبياً اليوم الأربعاء 21 مايو 2025، في السوق السوداء، وذلك بعد ارتفاع ملحوظ سُجل خلال الأيام الماضية، بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 2790 جنيهاً للبيع، و2740 جنيهاً للشراء، ما يعكس استمرار الضغط على العملة المحلية في ظل غياب الاستقرار المالي والمصرفي، يأتي هذا الاستقرار النسبي في وقت يواجه فيه الاقتصاد السوداني واحدة من أسوأ مراحله منذ عقود، مع استمرار الحرب الداخلية للسنة الثالثة على التوالي، وانهيار مؤسسات الدولة، وتفاقم العجز في الميزان التجاري، مما أسهم في فقدان الجنيه السوداني لقيمته بشكل متسارع.
تُعاني الأسواق المحلية من موجة غلاء متسارعة طالت السلع الأساسية، وسط تراجع القدرة الشرائية للمواطنين الذين باتوا عاجزين عن تأمين احتياجاتهم اليومية، ويؤكد خبراء اقتصاديون أن ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية يؤثر بشكل مباشر على أسعار السلع المستوردة، ويزيد من تكلفة المعيشة، لا سيما في ظل تآكل الرواتب وغياب أي آليات للدعم أو الحماية الاجتماعية، وفي مواجهة شح الإيرادات العامة وتراجع الدعم الخارجي، باتت الحكومة تعتمد بشكل شبه كلي على صادرات الذهب كمصدر رئيسي للعملات الأجنبية، ومع ذلك، تُشير تقارير متعددة إلى أن جزءاً كبيراً من عمليات بيع الذهب تتم خارج الأطر الرسمية، ما يفتح الباب أمام التهريب، ويحدّ من قدرة الدولة على الاستفادة الحقيقية من هذا المورد الاستراتيجي.
تلعب السوق السوداء دوراً متزايداً في تمويل الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك عمليات شراء السلع والخدمات، وحتى دعم بعض الأنشطة العسكرية في ظل غياب التمويل النظامي، وقد حذّر مراقبون من أن هذا الوضع يُفاقم من أزمة الثقة بين الدولة والمؤسسات المالية، ويُكرّس حالة الفوضى النقدية التي تعيشها البلاد.
في ظل هذه الظروف، تبدو التوقعات الاقتصادية قاتمة، حيث لا يزال النزاع المسلح مستمراً، دون بوادر لحل سياسي قريب. ويؤكد الخبراء أن أي جهود لتحقيق الاستقرار المالي ستبقى محدودة الأثر ما لم تترافق مع خطوات حقيقية نحو وقف الحرب، واستعادة عمل المؤسسات المدنية، وفتح المجال أمام تدفقات استثمارية ومساعدات دولية يمكن أن تُعيد بناء الاقتصاد على أسس أكثر استدامة، ويبقى المواطن السوداني هو الخاسر الأكبر، بين نار التضخم، وندرة الموارد، وغياب الأفق السياسي، فيما تتواصل رحلة البحث عن استقرار مفقود في وطنٍ أنهكته الحروب والقرارات الاقتصادية المرتجلة.