دعوات للاتحاد الأفريقي لإعادة النظر في موقفه من تعيين رئيس وزراء في السودان وسط تباين في المواقف السياسية

4 Min Read

دعت قوى سياسية ومدنية سودانية، الاتحاد الأفريقي إلى مراجعة موقف مفوضه محمود علي يوسف، الذي عبّر مؤخراً عن ترحيبه بتعيين رئيس وزراء في السودان من قبل رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وتأتي هذه الدعوة وسط انقسام في المواقف بشأن شرعية الخطوة، وفي ظل استمرار الحرب والنزاع السياسي المعقّد في البلاد، وكان الاتحاد الأفريقي قد جمد أنشطة السودان في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر 2021، الذي أطاح بالحكومة المدنية الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، ومنذ ذلك الحين، ظل ملف السودان عالقاً في أروقة الاتحاد، حيث اشترطت مفوضية السلم والأمن استئناف أنشطة السودان باتخاذ خطوات واضحة نحو انتقال دستوري شامل.

قدّمت السلطات السودانية خلال الأشهر الماضية طلباً رسمياً لرفع التجميد، تضمن خريطة طريق سياسية، كما أجرت لقاءات غير رسمية مع عدد من مسؤولي الاتحاد، ومن المتوقع أن يُطرح الملف على طاولة مجلس السلم والأمن الأفريقي في اجتماعه المرتقب في يوليو المقبل، وشارك السودان مؤخراً في فعالية “يوم أفريقيا” بمقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، وهي المشاركة الأولى الرسمية منذ تجميد عضويته، وتضمنت المشاركة جناحاً ثقافياً لتعريف الحضور بالحضارة السودانية، بحضور السفير السوداني لدى إثيوبيا الزين إبراهيم.

في المقابل، أبدت قوى سياسية ومدنية تحفظها على الموقف المرحّب بتعيين رئيس وزراء من قِبل السلطة الحالية، معتبرة أن ذلك لا ينسجم مع قرارات الاتحاد السابقة التي لا تعترف بشرعية أي حكومة جاءت بعد انقلاب 2021، وفي هذا السياق، أعرب تحالف “صمود” عن رفضه لتصريحات مفوض الاتحاد الأفريقي، واعتبرها “مخالفة صريحة” للوائح المنظمة التي تشدد على رفض الانقلابات، مؤكداً أن تعيين رئيس وزراء في ظل استمرار النزاع لا يلبّي تطلعات الشعب السوداني ولا يعكس تحولاً ديمقراطياً حقيقياً.

في تحليل للمشهد، رأى القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل، وجدي صالح، أن تصريحات مفوض الاتحاد تمثل “جسّ نبض” للشارع السوداني والمجتمع الإقليمي، وأشار إلى أن أي تهاون في المعايير قد يُفسَّر على أنه سابقة خطيرة قد تفتح الباب أمام شرعنة انقلابات في دول أخرى بالقارة، وأوضح صالح أن تعيين رئيس وزراء من قبل الجهة العسكرية ذاتها التي قوضت المسار الانتقالي عام 2021 لا يفي بشروط التحول المدني الذي يُفترض أن يدعمه الاتحاد الأفريقي، مؤكداً أن هذا النوع من التعيينات لا يحظى بقبول شعبي، وقد يُنظر إليه على أنه إعادة إنتاج للسلطة العسكرية بصيغة مدنية شكلية.

في سياق متصل، رحّب سكرتير الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد)، ورقنه قيبو، بتعيين رئيس وزراء في السودان، واعتبره خطوة قد تُسهم في إحياء مسار سياسي شامل، شريطة أن تكون متبوعة بمشاورات وطنية واسعة تضم جميع الأطراف السودانية، بهدف الوصول إلى تسوية حقيقية تنهي الحرب وتعيد الحكم الدستوري.

يبقى موقف الاتحاد الأفريقي من الأزمة السودانية موضع نقاش، لا سيما مع استمرار الحرب وتعقّد المسارات السياسية، وبينما تسعى بعض الجهات إلى استئناف النشاط الدبلوماسي ورفع التجميد عن السودان، ترى أطراف أخرى أن أية خطوات في هذا الاتجاه يجب أن تكون مشروطة بانتقال سياسي حقيقي، يضمن إنهاء الحرب وإطلاق عملية دستورية شاملة تفضي إلى استقرار دائم.

Share This Article