رحب عدد من خبراء العمل الإنساني بموافقة مجلس السيادة الانتقالي على طلب الأمم المتحدة بإنشاء قواعد لوجستية في منطقتي طويلة ومليط بولاية شمال دارفور، واعتبروا القرار خطوة إيجابية نحو تعزيز الاستجابة الإنسانية في الإقليم، رغم ما قد تواجهه من صعوبات على الأرض، وكان مجلس السيادة قد أعلن استجابته لطلب الأمم المتحدة، لإنشاء هذه القواعد في مناطق متأثرة بالنزاع، إحداها تخضع لسيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، والأخرى تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وقال الخبير في الشؤون الإنسانية، محمد الشابك، إن القرار يمثل تحولاً مهماً، لكنه أشار إلى جملة من التحديات اللوجستية والميدانية، خاصة في ظل تصاعد القتال بمدينة الفاشر والمناطق المحيطة بها، واعتبر أن التنفيذ الناجح للمبادرة يتطلب مفاوضات وتنسيقاً مع الجهات المسيطرة على الأرض، وعلى رأسها قوات الدعم السريع وحركة تحرير السودان، ودعا الشابك المجتمع الدولي إلى بذل جهود أكبر للضغط من أجل وقف القتال وتأمين الممرات الآمنة للمدنيين، مع ضرورة التخلص من الإجراءات البيروقراطية التي تعيق الاستجابة الإنسانية، قائلاً إن “الوضع الإنساني المتدهور لا يحتمل مزيداً من التأخير”.
وأشار الشابك إلى اجتماعات سابقة جرت مطلع أبريل الجاري بين السلطات السودانية والمنظمات الدولية في بورتسودان، طُرحت خلالها الحاجة إلى زيادة المساعدات للفاشر، بما في ذلك خيار الإسقاط الجوي، إضافة إلى مشاورات مع اللجنة الوطنية للتنسيق مع الأمم المتحدة حول إيصال المساعدات، وذكر أن نحو 450 ألف نازح فروا من الفاشر وزمزم إلى منطقة طويلة، في ظل ظروف إنسانية صعبة، داعياً إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن، ورفع الحصار عن المناطق المتأثرة، وحماية المدنيين.
من جانبه، اعتبر الدكتور أديب عبد الرحمن، المتخصص في العمل الإنساني، أن القرار يمثل خطوة حاسمة لتحسين ظروف النازحين وتعزيز حماية حقوق الإنسان، وأكد أن وجود الأمم المتحدة والمنظمات الدولية على الأرض سيساعد في تقليل الانتهاكات ودعم الجهود الرامية لتحقيق وقف إطلاق النار من خلال “دبلوماسية المساعدات”، وأشار إلى أن غياب المنظمات الفاعلة بعد اندلاع الحرب ساهم في تفاقم أوضاع النازحين في أكثر من 119 معسكراً داخلياً و9 معسكرات للاجئين في الإقليم، كانوا يعتمدون اعتماداً كبيراً على المساعدات الإنسانية.
في المقابل، أبدت الإدارة العليا لمعسكر زمزم تحفظها على المواقع المقترحة كنقاط انطلاق للمساعدات، مشيرة إلى الحاجة لضمان الحيادية في توزيع الإغاثة، خاصة في مناطق النزاع، مع تسجيل حالات تقييد للحركة ووجود تحديات إدارية وأمنية في تلك المناطق، واقترحت الإدارة تحويل معسكر زمزم إلى “منطقة إنسانية محايدة” بإشراف مباشر من الأمم المتحدة، وخالية من أي تواجد عسكري، مع تسهيل إعادة توطين مؤقت للنازحين القادمين من مناطق النزاع وتقديم الخدمات بشكل منظم.
كما دعت إلى تشكيل لجنة حيادية لتوزيع المساعدات، تضم ممثلين عن الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية، وممثلي النازحين، إلى جانب شخصيات محلية مستقلة، لضمان التوزيع العادل والبعيد عن أي تأثير سياسي أو أمني، من جهته، أكد الناطق الإعلامي لمعسكر زمزم، خميس دوده، أهمية حماية العملية الإنسانية من التسييس، وضمان وصول المساعدات للمستحقين بأمان وحياد، في ظل التحديات التي تواجه المدنيين في مناطق النزاع بدارفور.