في مشهد يعيد للأذهان سنوات الدم والنزاع التي مزّقت جنوب السودان، تشهد العاصمة جوبا توتراً سياسياً متصاعداً بين الرئيس سلفا كير ونائبه وخصمه التاريخي ريك مشار، في وقت تتحدث فيه تقارير أمنية عن انتشار قوات أوغندية داخل العاصمة لتأمين المنشآت الحكومية والطرق الرئيسية، وهو ما نفته حكومة جنوب السودان بشدة.
وفقاً لمصادر دبلوماسية وإعلامية، فقد تم رصد تحركات عسكرية أوغندية في أطراف جوبا، وسط مخاوف من انهيار الاتفاق الهش لتقاسم السلطة الموقع في 2018. وبينما لم يصدر أي تصريح رسمي من أوغندا، أشار مراقبون إلى أن هذه الخطوة تعكس قلقاً إقليمياً من اندلاع نزاع جديد قد يمتد إلى دول الجوار.
ريك مشار، الذي شغل منصب النائب الأول للرئيس بموجب اتفاق السلام، اشتكى في الأسابيع الأخيرة من تهميش سلطاته ومنع قواته من المشاركة في الأجهزة الأمنية، فيما اتهمت أطراف داخل معسكر كير مشار بمحاولة زعزعة الاستقرار من خلال دعم مجموعات مسلحة.
من جهته، نفى وزير الإعلام في جنوب السودان وجود أي قوات أجنبية داخل العاصمة، مؤكداً أن الأوضاع تحت السيطرة، إلا أن الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر ما يعتقد أنها آليات عسكرية أوغندية تنتشر قرب المطار الرئاسي وبعض المقار الأمنية الحساسة.
التحذيرات تتوالى من المجتمع الدولي. فقد أعربت هيئة الإيغاد والاتحاد الإفريقي عن قلقهما العميق، داعين الطرفين إلى ضبط النفس والعودة للحوار السياسي. كما حذرت منظمات إنسانية من أن عودة الحرب ستقود إلى كارثة إنسانية جديدة، في بلد يعاني أصلاً من المجاعة، الفيضانات، ونزوح ملايين السكان.
جنوب السودان، الذي حصل على استقلاله في 2011، لم يعرف منذ ذلك الحين استقراراً حقيقياً، حيث دارت حرب أهلية بين كير ومشار في 2013 استمرت خمس سنوات، خلّفت أكثر من 400 ألف قتيل وملايين المشردين.