تشير تقديرات إلى أن الخسائر الاقتصادية التي تكبدها السودان جراء الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي دخلت عامها الثاني، قد تجاوزت حدود التريليون دولار، وتراوحت التقديرات الحكومية ما بين 108,8 مليار إلى 200 مليار دولار، بينما ذهب محللون اقتصاديون إلى تقدير الخسائر بتريليون دولار، في ظل استمرار النزاع وتأثيراته على مختلف القطاعات الحيوية، وأكد محللون اقتصاديون صعوبة تحديد حجم الخسائر بدقة بسبب تواصل الحرب، مع الإشارة إلى أن نحو 65% من القطاع الزراعي، و75% من القطاع الصناعي، و70% من القطاع الخدمي قد تضررت بفعل النزاع.
وأوضح الدكتور هيثم فتحي، المحلل الاقتصادي، أن التقارير الرسمية والأممية قدرت الخسائر الإجمالية بحوالي 200 مليار دولار، مشيراً إلى دمار نحو 60% من البنية التحتية، وتشريد ما يقارب 12,5 مليون شخص من إجمالي سكان السودان البالغ عددهم 42 مليون نسمة، وقال فتحي أن القطاع الصناعي كان الأكثر تضرراً، خاصة مع تركز 85% من المصانع في ولاية الخرطوم، موضحاً أن معظم الأضرار شملت النهب والحرق والتدمير للمرافق الصناعية.
أشار فتحي إلى تدهور سعر صرف الجنيه السوداني بنسبة 85% خلال عامي الحرب، إلى جانب تراجع الإنتاج الزراعي بسبب نزوح المزارعين وتعطل سلاسل الإمداد، وأكد أن ولايات إنتاج النفط والصمغ العربي والماشية والذهب خرجت بشكل كبير من دورة الإنتاج القومي، من جهته، أعلن وزير النفط والطاقة، الدكتور محيي الدين نعيم، أن خسائر قطاع النفط وحده بلغت 20 مليار دولار نتيجة تخريب المنشآت النفطية وفقدان الخام والمشتقات، ودعا فتحي الحكومة إلى البحث عن حلول اقتصادية عبر تحريك الموارد الذاتية، وتوسيع آفاق الاقتراض والشراكات الاستثمارية، وحشد التمويل لإعادة الإعمار.
وبحسب اللجنة العليا للإعمار، فقد قدرت الخسائر الاقتصادية الإجمالية بحوالي 108,8 مليار دولار، مع وضع خطة لإعادة النسيج الاجتماعي والعمراني وتمويلها عبر ضريبة إعمار على المغتربين، وتقليل الإنفاق الحكومي، إضافة إلى الاستفادة من القروض والمنح الدولية، وأكد المحلل الاقتصادي الدكتور كمال كرار أن الاقتصاد السوداني وصل إلى درجة “الانهيار الكامل” بناءاً على المؤشرات الاقتصادية، حيث انخفض الناتج المحلي من 51,6 مليار دولار عام 2022 إلى 43,9 مليار دولار عام 2023، بتراجع نسبته 17,6%.
ولفت كرار إلى توقف نحو 70% من النشاط الاقتصادي خلال الستة عشر شهراً الأولى من الحرب، وتدمير أكثر من 120 منشأة حيوية، وخسائر بالغة في القطاعين الصحي والمصرفي، وأشار إلى ارتفاع عدد السودانيين الذين يواجهون خطر الجوع إلى نحو 18 مليون شخص، مع حاجة البلاد إلى 6 ملايين طن إضافية من الحبوب الغذائية.
بدوره، أوضح المحلل الاقتصادي عادل خلف الله أن الحرب تسببت في فقدان أكثر من 80% من القوى العاملة وظائفهم، مع ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 75%، كما أشار إلى أن أكثر من 90% من السودانيين يعيشون الآن تحت خط الفقر الحاد، وأضاف خلف الله أن سنوات الحرب قفزت بمعدلات التضخم إلى نحو 145%، وفقد الجنيه السوداني 350% من قيمته الشرائية، مما أثر بشكل كبير على القطاعين الصناعي والزراعي، ودفع بالاقتصاد السوداني للعودة عقوداً إلى الوراء.