سجّلت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ارتفاعاً غير مسبوق في أعداد السودانيين الفارين إلى ليبيا هرباً من النزاع المسلح المتواصل في بلادهم، حيث بلغ عدد اللاجئين المسجلين حتى أبريل 2025 نحو 313,000 لاجئ، بزيادة تقدر بـ 56,000 لاجئ مقارنة بالشهر السابق فقط، ويعكس هذا التصاعد المستمر في حركة النزوح مدى تعقيد الأزمة السودانية، التي دخلت عامها الثالث دون أفق واضح للحل، في ظل أوضاع إنسانية متدهورة على مستوى الإقليم، وضعف استجابة المجتمع الدولي لحجم الاحتياجات.
ووفقاً لتقرير حديث صدر عن المفوضية، من المتوقع أن يتضاعف عدد اللاجئين السودانيين المحتاجين إلى مساعدات إنسانية في ليبيا بحلول نهاية عام 2025، ليصل إلى 621,000 شخص، مقارنة بـ 446,000 لاجئ محتاج في نوفمبر 2024، أي بزيادة تفوق 40% خلال عام واحد، هذا التصاعد، وفقاً للمفوضية، يأتي في ظل تدفق مستمر من اللاجئين، وافتقار ليبيا للبنية التحتية الكافية لاستيعاب هذا العدد المتزايد، خصوصاً في مدن مثل بنغازي وسبها والزاوية التي أصبحت مراكز رئيسية لاستقبال اللاجئين.
في ظل هذا الوضع المعقّد، أطلق برنامج الأغذية العالمي (WFP) نداءاً عاجلاً طالب فيه بتوفير 13.5 مليون دولار أمريكي لضمان استمرارية عملياته الإغاثية الموجهة للاجئين السودانيين في ليبيا خلال الشهور المقبلة، وأكد البرنامج أن المساعدات التي تم تقديمها خلال أبريل شملت أكثر من 58,456 لاجئاً سودانياً، وتضمنت توزيع 602 طن من الأغذية الأساسية، إلى جانب 64,650 دولاراً قدمت على شكل تحويلات نقدية مباشرة، استخدمت لتغطية احتياجات أساسية مثل الغذاء والدواء والسكن، وأشار البرنامج إلى أنه بحاجة إلى 5 ملايين دولار إضافية لضمان استمرارية عملياته حتى نوفمبر 2025، محذراً من أن نقص التمويل قد يجبره على تقليص حجم المساعدات أو تعليقها بشكل مؤقت.
وفي إطار الاستجابة للتحديات التغذوية، كشف البرنامج أنه قدّم مكملات غذائية علاجية لـ 4,236 طفلاً دون سن الخامسة، و1,989 امرأة حامل ومرضع، ضمن تدخلاته الهادفة للحد من سوء التغذية بين الفئات الأكثر هشاشة، كما تم تنفيذ برنامج للتحويلات النقدية في المدن الثلاث (بنغازي، سبها، الزاوية)، استفاد منه الآلاف من اللاجئين السودانيين، حيث تم تقديم 5,666 ديناراً ليبياً لكل مستفيد كمساعدة مباشرة لدعم سبل العيش ضمن خطة تكامل مع المجتمعات المضيفة.
يأتي هذا التفاقم في ظل ظروف صعبة داخل ليبيا نفسها، حيث يواجه اللاجئون تحديات في الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل، إضافة إلى غياب مظلة حماية قانونية شاملة، وقد نبّهت عدة منظمات حقوقية إلى خطر تعرض اللاجئين السودانيين للاستغلال أو الاعتقال التعسفي، خاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة السلطات الرسمية.
في ختام تقاريرها، دعت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته الإنسانية، وتقديم دعم عاجل للعمليات الإغاثية في ليبيا، قبل أن تصل الأوضاع إلى نقطة الانهيار، كما شدد التقرير على ضرورة معالجة جذور الأزمة في السودان، بما يشمل الدفع نحو وقف شامل لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وخلق بيئة آمنة تسمح بعودة اللاجئين إلى بلادهم بكرامة.