تصاعد المطالب الدولية بإرسال قوات حفظ سلام وحظر تسليح الأطراف المتنازعة في السودان

4 Min Read

في ظل التصعيد المستمر في الصراع المسلح بالسودان، ازدادت الدعوات من قبل منظمات حقوقية ودولية لإرسال بعثة لحفظ السلام إلى البلاد وتوفير حماية فعالة للمدنيين، وخاصة بعد الأحداث المأساوية الأخيرة في ولاية الجزيرة. هذه الدعوات تأتي قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي المقررة لمناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حول الوضع الإنساني والأمني في السودان. ويبرز في هذا السياق انقسام دولي حول كيفية التعامل مع أطراف النزاع، بينما يتصاعد الضغط على الأمم المتحدة لتبني خطوات أكثر صرامة، بما في ذلك فرض حظر على توريد الأسلحة إلى السودان.

منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، شهد السودان مستويات غير مسبوقة من العنف، خاصة في مناطق دارفور وولاية الجزيرة. بحسب تقارير منظمات حقوق الإنسان، فإن النزاع قد أدى إلى انهيار النظام الصحي وتفاقم أزمة الغذاء، حيث يواجه نحو 15 مليون شخص خطر المجاعة، ويعاني المدنيون من انتهاكات واسعة النطاق بما في ذلك القتل والاغتصاب والتشريد القسري.

مطالبات دولية بإرسال بعثة لحماية المدنيين

طالبت “هيومن رايتس ووتش” والأمم المتحدة الدول الأعضاء بإرسال قوات لحفظ السلام إلى السودان، مشيرة إلى أن حماية المدنيين أصبحت ضرورة ملحّة. وأوضحت المنظمة في بيان لها أن “الملايين من المدنيين يواجهون خطر المجاعة والانتهاكات الجسيمة”، ودعت إلى تخطيط عاجل لنشر بعثة حماية دولية. وأكدت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان، كليمنتاين سلامي، أن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في ولاية الجزيرة تعيد إلى الأذهان أحداث دارفور، ودعت إلى تحرك فوري من قبل المجتمع الدولي لوقف التدهور الأمني الذي يستهدف النساء والأطفال بشكل رئيسي. وقالت سلامي في تصريحها: “النساء والأطفال هم الأكثر تضررًا من هذا الصراع الدموي، وحماية المدنيين يجب أن تكون أولوية قصوى”.

يتضمن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة خطوات محددة ينبغي على الدول الأعضاء اتخاذها للضغط على الأطراف المتحاربة. ويشمل ذلك فرض حظر شامل على تسليح قوات الدعم السريع والجيش السوداني، لمنع تزويدهم بأسلحة تستخدم في انتهاك حقوق الإنسان. وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أن التقرير يؤكد أن كلاً من طرفي النزاع يتلقيان إمدادات عسكرية من شركات دولية، بما في ذلك الصين وروسيا، ما يزيد من وتيرة العنف ويطيل أمد الحرب.

ومع ذلك، يعبر التقرير عن عدم توفر ظروف مناسبة حالياً لنشر قوات حفظ سلام أممية، مشيرًا إلى أن انتظار اتفاق لوقف إطلاق النار أو حلول ظروف ملائمة لنشر البعثة قد يكون قرارًا لا يخدم المدنيين في الوقت الحالي. وتحث “هيومن رايتس ووتش” مجلس الأمن على توسيع نطاق حظر الأسلحة المطبق حاليًا في دارفور ليشمل كافة أنحاء السودان، وفرض عقوبات على المسؤولين عن الانتهاكات.

تشهد ولاية الجزيرة تصعيدًا حادًا في الصراع، وخاصة بعد انشقاق بعض القادة عن قوات الدعم السريع وانضمامهم إلى الجيش السوداني، ما زاد من حدة العنف. وأفادت التقارير بمقتل وإصابة المئات وتشريد آلاف المدنيين. كما بدأت بعض القبائل المحلية في التجهيز والتحشيد للتسلح، الأمر الذي ينذر بتوسع رقعة الحرب إلى حرب أهلية واسعة النطاق، ويزيد من حاجة المجتمع الدولي لتدخل فوري. ووعد قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان بتسليح القبائل في مناطق الصراع، مما يثير المخاوف من احتمال وقوع مواجهات عنيفة بين القبائل وقوات الدعم السريع.

الخاتمة

مع تفاقم الصراع وتدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، تزداد الضغوط على المجتمع الدولي للتدخل، وخاصة عبر إرسال قوات لحفظ السلام وفرض حظر على توريد الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة. ويظل الأمر بيد مجلس الأمن لاتخاذ قرار حاسم من شأنه الحد من العنف وحماية المدنيين، خصوصًا في ظل مطالبات حقوقية بضرورة عدم الانتظار حتى تتوفر “ظروف مثالية” للتدخل.

Share This Article