تقترب المشاورات الجارية بين مكونات “تحالف السودان التأسيسي” من مراحلها النهائية، وسط توقعات بإعلان تشكيل حكومة “السلام والوحدة” خلال الأيام القليلة المقبلة، في خطوة تهدف إلى تحقيق الاستقرار السياسي بعد سنوات من النزاعات المسلحة، وتجري محادثات نشطة بين الفصائل المختلفة للتحالف داخل وخارج السودان، وقد أحرزت هذه المشاورات تقدماً كبيراً نحو التوصل إلى توافق سياسي، وأشارت المصادر إلى أن التحالف يسعى إلى تحقيق توازن سياسي إقليمي، يساهم في معالجة جذور النزاعات، خاصة الصراع الذي اندلع في أبريل 2023.
وأن الفريق المشترك المكلف بتشكيل الحكومة اقترب من إنهاء عملية توزيع الحقائب السيادية والوزارية، وتم الاتفاق الواسع بين مكونات التحالف على تكليف قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، برئاسة المجلس الرئاسي للحكومة، استناداً إلى التفاهمات التي انبثقت عن توقيع الميثاق السياسي التأسيسي في فبراير الماضي، ومن المتوقع أن يتم خلال الأيام المقبلة تقديم قوائم بأسماء المرشحين لتولي المناصب الوزارية، بعد مشاورات مكثفة بين القوى العسكرية والمدنية الموقعة على الميثاق.
تواجه الحكومة المرتقبة تحديات جسيمة، أبرزها حماية المدنيين من الغارات الجوية التي يشنها الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، والتي أدت إلى مقتل آلاف المدنيين، خاصة في دارفور وكردفان، وفي هذا السياق، تعهد قائد قوات الدعم السريع بأن تضع الحكومة الجديدة أولوية لتوفير الخدمات الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والمساعدات الإنسانية، وتنص التفاهمات السياسية على إنشاء مجلس رئاسي مكوَن من 15 عضواً يمثلون مختلف مناطق السودان، ليكون بمثابة أعلى سلطة سيادية وفقاً للدستور الانتقالي، كما سيتم اختيار رئيس وزراء بالتشاور بين القوى الموقعة على الميثاق، ويقوم بدوره بتعيين حكومة لا تتجاوز 16 وزيراً خلال شهر من تشكيل المجلس الرئاسي.
ووقع على الميثاق التأسيسي 24 كياناً من أحزاب سياسية، وحركات مسلحة، وإدارات أهلية، وكيانات مجتمع مدني، ومن أبرز الموقعين: قوات الدعم السريع، الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، حركة العدل والمساواة (جناح سليمان صندل)، تجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، إضافة إلى قوى الجبهة الثورية، كما تضم قائمة الموقعين رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر، والقيادي بالحزب الاتحادي الأصل إبراهيم الميرغني، ورئيس حزب الأسود الحرة مبروك مبارك سليم، ورئيس مؤتمر البجا المعارض أسامة سعيد، إلى جانب ممثلين عن الإدارات الأهلية والطرق الصوفية ومثقفين مستقلين.
ينص الميثاق السياسي على حظر تأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية على أساس ديني أو عرقي، في خطوة تهدف إلى إرساء قواعد مدنية للدولة، وفصل الدين عن السياسة، في إشارة واضحة إلى تجاوز تجربة حزب المؤتمر الوطني “المنحل”، ومن المتوقع أن يتم الإعلان الرسمي عن الحكومة الجديدة من داخل السودان، بعد استكمال التوافق النهائي على توزيع المناصب وهياكل الحكومة الانتقالية.