في خطوة تُعدّ من أكبر تدخلاته الإنسانية في السودان منذ اندلاع النزاع، أعلن برنامج الغذاء العالمي (WFP) عن خطة طموحة تهدف إلى تقديم الدعم النقدي المباشر لما لا يقل عن مليون مستفيد شهرياً في المناطق المتضررة من الحرب، هذه الخطوة تمثل تحوّلاً استراتيجياً في آليات التدخل الإنساني، بالانتقال من دعم “التكايا” التقليدية إلى نظام تحويلات نقدية مباشرة، يضمن وصول المساعدات إلى الأسر المحتاجة بطريقة أكثر كفاءة وكرامة، وجاء الإعلان خلال اجتماع رسمي بمدينة الخرطوم بحري، ضم ممثلين عن مؤسسات وطنية وشركاء دوليين، لمناقشة التحديات والآليات المرتبطة بالتحول نحو هذا النظام، وأكد ممثل البرنامج أن توفير الدعم النقدي المباشر يمكّن الأسر من اتخاذ قرارات تتناسب مع احتياجاتها اليومية، في وقت تشهد فيه البلاد تدهوراً واسعاً في سلاسل الإمداد الغذائي والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى تفشي موجات النزوح الداخلي.
وأوضح أن الدعم النقدي يُسهم في إنعاش الأسواق المحلية، ويدعم الاقتصاد غير الرسمي الذي يُعد شريان حياة في العديد من المناطق، مشيراً إلى أن البرنامج سيعتمد على آليات رقمية دقيقة لتسجيل المستفيدين، وضمان الشفافية والمساءلة في توزيع الدعم، بالتنسيق الكامل مع الجهات المحلية، ويُعد هذا البرنامج امتداداً لجهود مكثفة يقودها برنامج الغذاء العالمي في السودان منذ تصاعد النزاع في أبريل 2023، والذي تسبب في انقطاع المساعدات الإنسانية عن ملايين الأشخاص، في ظل تراجع تمويل العمليات الإنسانية وارتفاع معدلات سوء التغذية بشكل غير مسبوق.
ويواجه السودان اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية في العالم، حيث تشير تقارير أممية إلى أن أكثر من 18 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 5 ملايين يواجهون خطر المجاعة المباشرة، وفي هذا السياق، يبرز التحول نحو الدعم النقدي كوسيلة مرنة وسريعة التأثير، قادرة على تلبية الاحتياجات الفورية وتعزيز صمود الأسر المتضررة في وجه تداعيات النزاع الممتد، ويؤكد برنامج الغذاء العالمي أن هذه الخطة تتطلب تمويلاً مستداماً ودعماً دولياً متواصلاً، مشدداً على أن نجاحها يعتمد على التعاون مع الحكومة الانتقالية، والسلطات المحلية، ومنظمات المجتمع المدني، بهدف تحقيق استجابة أكثر فعالية وشمولاً في مواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان.