أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، فرض عقوبات على السودان، استناداً إلى ما وصفته بـ”ثبوت استخدام الحكومة السودانية أسلحة كيميائية” خلال العام 2024، في سياق الصراع المسلح المستمر في البلاد، ويُعد القرار، الذي اتُخذ بموجب قانون الرقابة على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء على الحرب لعام 1991 (قانون CBW)، خطوة تصعيدية جديدة في تعامل واشنطن مع الخرطوم، بعدما خلصت الإدارة الأميركية إلى أن السودان لم يمتثل لاتفاقية الأسلحة الكيميائية (CWC)، التي يُعد طرفاً موقعاً عليها.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، في بيان رسمي: “تدعو الولايات المتحدة حكومة السودان إلى التوقف الفوري عن استخدام الأسلحة الكيميائية، والوفاء الكامل بالتزاماتها الدولية بموجب الاتفاقية”، ووفقًا للبيان، فإن العقوبات ستدخل حيز التنفيذ في 6 يونيو 2025، بعد فترة إشعار مدتها 15 يوماً للكونغرس، على أن يتم الإعلان عنها رسمياً في السجل الفيدرالي.
تشمل الإجراءات الجديدة فرض قيود على الصادرات الأميركية إلى السودان، إضافة إلى تقييد الوصول إلى خطوط الائتمان الحكومية الأميركية، ضمن سلسلة من التدابير الاقتصادية والسياسية التي تهدف إلى الضغط على الحكومة السودانية، وجددت الإدارة الأميركية في بيانها التأكيد على التزامها بـ”محاسبة المسؤولين المتورطين في نشر واستخدام أسلحة محظورة”، معتبرة أن هذه الأفعال تمثل تهديداً مباشراً للمدنيين وللسلم الإقليمي والدولي.
الاتهامات الأميركية تأتي استناداً إلى تقارير استخباراتية وإعلامية، من بينها ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 16 يناير 2025، نقلاً عن مسؤولين أميركيين كبار، أكدوا أن الجيش السوداني استخدم الأسلحة الكيميائية في مناسبتين على الأقل ضد قوات الدعم السريع، في مناطق نائية من السودان، محذرين من إمكانية استخدامها لاحقاً في مناطق مكتظة بالسكان، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، وكانت الولايات المتحدة قد فرضت في وقت سابق عقوبات على الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، متهمة إياه بارتكاب انتهاكات واسعة، شملت القصف العشوائي للمدنيين، واستخدام الحصار والتجويع كسلاح في النزاع.
لم تصدر حتى اللحظة ردود فعل رسمية من الحكومة السودانية، إلا أن مراقبين يتوقعون تصعيداً في الخطاب الرسمي، ويخشى مراقبون من أن تؤدي هذه الخطوة إلى مزيد من تعقيد المشهد السياسي في السودان، في وقت تتعثر فيه مبادرات السلام وتزداد معاناة المدنيين على وقع استمرار العمليات العسكرية والانهيار الواسع في الخدمات العامة.
تأتي العقوبات في وقت يواجه فيه السودان واحدة من أسوأ أزماته الإنسانية، حيث أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات، في ظل انهيار البنية التحتية، وانقطاع الكهرباء، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، وتبقى الأسئلة مفتوحة حول قدرة هذه الإجراءات الدولية على التأثير في سلوك الأطراف المتصارعة، ومدى جدية المجتمع الدولي في دعم عملية سياسية تفضي إلى وقف الحرب، وتفتح الطريق أمام إعادة بناء الدولة السودانية.