في ظل تصاعد التحديات الأمنية والانهيار الإداري في العديد من ولايات دارفور، تمضي الولاية الشمالية قُدماً في تحمل مسؤولية إنقاذ مستقبل آلاف الطلاب، عبر استضافتها امتحانات الشهادة السودانية لعام 2024 لعدد يقارب 2500 طالب وطالبة نزحوا من مناطق النزاع، وقد عقدت اللجنة العليا المختصة باستقبال الطلاب اجتماعها الأول اليوم بمدينة دنقلا، برئاسة أمين عام حكومة الولاية محجوب محمد سيد أحمد، بحضور قيادات من وزارة التربية والتعليم، واللجان الأمنية، والمجتمع المحلي، حيث ناقش الاجتماع الترتيبات التنظيمية واللوجستية الجارية لتأمين الامتحانات وتوفير البيئة المناسبة لاستقرار الطلاب.
مدير عام وزارة التربية والتعليم بالولاية، الأستاذ التجاني إبراهيم، أشار إلى أن لجاناً فرعية متعددة قد بدأت بالفعل في العمل، حيث تشمل لجنة للإعاشة، وأخرى للسكن، ولجنة أمنية لضمان سلامة الممتحنين، مشيراً إلى أن مراكز الاستقبال والامتحانات قد تم توزيعها على محليات دنقلا، مروي، الدبة، والقولد، وأضاف إبراهيم أن الوزارة تعمل على تجهيز سكنات جماعية، وتوفير الوجبات، والاحتياجات الصحية والنفسية للطلاب، بالتعاون مع المنظمات المحلية والدولية، في ظل ظروف معيشية صعبة يواجهها معظم الطلاب القادمين من مناطق النزاع المسلح.
يُذكر أن امتحانات الشهادة السودانية تُعد محطة مصيرية في مسار الطلاب، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، ويخشى كثيرون من تأثير الحرب المستمرة على مستقبل جيل كامل، مما يجعل من هذه المبادرة خطوة إنسانية وتعليمية بالغة الأهمية، وتؤكد اللجنة أن الدعم المجتمعي والتضامن المحلي كانا من أبرز نقاط القوة في هذا الجهد، حيث بادرت العديد من الأسر والمبادرات الشبابية بتقديم مساعدات لوجستية ومادية لتوفير الدعم النفسي والميداني للطلاب، وبينما تغيب الدولة المركزية عن توفير بيئة تعليمية آمنة في دارفور، تعكس تجربة الشمالية نموذجاً للتضامن الوطني يعيد الأمل في إمكانية مواصلة التعليم، رغم الحرب والانهيار.