الجنيه السوداني يواصل التراجع الحاد والدولار يتجاوز حاجز 3700 جنيه في السوق الموازي

3 Min Read

يشهد سوق الصرف في السودان تدهورًا غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني، وسط غياب أدوات فعالة للسياسة النقدية واستمرار الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أبريل 2023. ووفقًا لمصادر مصرفية وتجار عملة، سجل الدولار الأمريكي اليوم مستويات قياسية جديدة متجاوزًا حاجز 3,700 جنيه في بعض المدن، في حين تفاوتت الأسعار بين المناطق تبعًا لتوافر النقد الأجنبي ونشاط التجارة الحدودية.

بلغت نسبة ارتفاع الدولار منذ اندلاع الحرب أكثر من 545%، إذ كان سعره قبل الحرب يقارب 560 جنيهًا، ليصل اليوم إلى نحو 3,613 جنيهًا في بعض الأسواق. ويصف محللون اقتصاديون هذا التدهور بأنه انعكاس مباشر لفقدان الثقة في العملة المحلية وتراجع قدرة الدولة على ضبط السوق.

شهدت العملات الأخرى ارتفاعات مماثلة، حيث تراوحت أسعار الريال السعودي بين 946 و986 جنيهًا، والدرهم الإماراتي بين 967 و1,008 جنيهات، بينما بلغ الريال القطري نحو 975 إلى 1,016 جنيهًا. كما سجل اليورو بين 4,127 و4,302 جنيهًا، والجنيه الإسترليني بين 4,733 و4,933 جنيهًا. وتجاوز الدينار الكويتي 11,800 جنيه، فيما بلغ الدينار البحريني نحو 9,631 جنيهًا.

يرى خبراء أن تباين الأسعار بين المدن السودانية يعكس غياب سلطة نقدية موحدة، إذ تحدد المناطق أسعارها بناءً على حجم التحويلات وحركة التجارة. تقرير صادر عن Chatham House أشار إلى أن البنك المركزي السوداني فقد نحو 90% من قدرته على التدخل في السوق، مما جعل السوق الموازي المصدر الفعلي لتحديد سعر الصرف.

أفاد تقرير لـ Financial Times Africa Desk بأن السودان يشهد مرحلة “تفكك نقدي”، إذ أصبحت معظم السلع تُسعّر بالدولار أو الريال السعودي حتى داخل المدن الكبرى. ويصف التقرير هذه الظاهرة بأنها “مرحلة ما بعد العملة”، حيث تفقد الدولة السيطرة على نظامها النقدي لصالح السوق غير الرسمي.

ووفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي (IMF Regional Outlook – MENA 2025)، فقد السودان أكثر من 75% من احتياطاته النقدية خلال العامين الماضيين، مع تراجع الصادرات بنسبة 60% وارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من 300% في بعض القطاعات الحيوية مثل الغذاء والوقود.

بات انهيار الجنيه السوداني ظاهرة مستمرة لا تُقاس بالتقلبات اليومية، بل أصبحت جزءًا من بنية الاقتصاد المنهك بالحرب. ويرى محللون أن البلاد تسير نحو مرحلة حرجة تتطلب استقرارًا سياسيًا شاملاً وإصلاحًا مؤسسيًا عميقًا لإعادة بناء الثقة في النظام المالي والنقدي.

Share This Article